إغتيال (12)
الزمان: أواخر شهر فبراير – اليوم التالي
المكان: 112 طريق ملفورد - منطقة بيزواتر إحدى ضواحي لندن
"ما هذا؟!!!!" يسأل آرشي عن كومة الملفات المتراكمة والتي ملأت غرفة الإجتماعات اليومية. يفتح بعض الملفات ويستطلع ما بداخلها ويقرأ سريعا لأخذ فكرة عن المحتوى.
"غريغ بحق السماء، ماذا سنفعل بتقرير صادرات المواد الغذائية والزراعية؟" يسأل آرشي.
"من الصعب معرفة ما كان يجول بخاطرك، ثم إنك لم تحدد ما أردته بالضبط ، فطلبنا كل شيء" يضحك غريغ.
"علينا أولاً فرزها، ولنعزل الصادرات العسكرية والصناعية والكيميائية على حدة، ولنعطها الأولوية في القراءة والبحث، ثم الصادرات الأخرى" يحدثهم آرشي.
"ما الذي نبحث عنه بالضبط يا آرشي؟" يسأل آندرو.
"إبحثا عن الصادرات والمواد ثنائية الإستخدام، وعلى الأخص التي يمكن إستخدامها في التصنيع الحربي أو لها إستخدامات عسكرية. أما في الصادرات الكيميائية، فالبحث يكون عن المواد الكيميائية التي قد تستخدم في إنتاج الغازات السامة المحرمة دولياً كغاز الخردل وما شابه ذلك" يرد آرشي.
يظهر الإستغراب على وجه آندرو ويسأل، "أَ وَ نبيع للعراق مواد كيميائية تستخدم في إنتاج الغازات السامة المحرمة دوليأً؟!!!!".
"هلّلا جاوبت على هذا السؤال يا غريغ" يرد آرشي وهو مشغول بتفحص الملفات ليختار المناسب لقراءته.
"آندي، كيف تظن أن العراقيين إستطاعوا إسترداد أراضيهم التي إحتلها الإيرانيون في العمليات العسكرية التي سموها الفجر، وبالأخص منطقة الفاو وجزيرة مجنون الإستراتيجية؟! لقد تحالف العالم كله ضدالإيرانيين. لقد زود السوفييت العراقيين بالعتاد المتطور، والأميريكيين بصور الأقمار الأصطناعية أولاً بأول التي توضح تحركات القوات الإيرانية، أما نحن والألمان الغربيين، فدورنا كان بتسهيل حصولهم وإنتاجهم أسلحة الدمار الشامل الكيميائية، غاز الخردل والأعصاب وهلم جرا. لولا تلك المساعدات لما إستطاع العراقييون زحزحة الإيرانيين شبر واحد عن مواقعهم. حقيقة آندي، أنت بحاجة لإعادة تأهيل وكورسات من جديد" يوضح غريغ بإبتسامة.
آندرو غير مصدق ما تسمع أذناه فيسكت.
تنقضى ساعات في قراءة الملفات دون إحراز أي تقدم أو إكتشاف أمر مُجدِي ومفيد للمشروع. لقد بدأ الجميع في فقد التركيز وكثرت الزفرات من الملل. ويستمر الوضع.
الضجر والتعب يصلان إلى أقصى حد لدى آندرو، يكوِّر ورقة من أوراق مسوداتة الغير راغب بها، ويرميها في سلة المهملات مُصدِراً صوت قذيفة صاروخية.
ينظر إليه آرشي بتركيز، يحرج آندرو من الأمر ويتأسف "آسف، لقد أدركني الملل".
"لا، لا، لا عليك يا آندي. يا عزيزي، لقد أوجدت لنا المخرج" يرد آرشي.
يسعد الكلام آندرو مع إحساسه بالضياع.
يطلب آرشي رقم الأرشيف "السيدة ميغنز، أدخلي إلى قاعدة معلومات وزارة التجارة، وإبحثي لي هناك عن أنابيب النفط العالية التحمل التي ستصدر للعراق، ........، لا أنا متأكد من ذلك لقد بعناهم هذه الأنابيب ولكن لا أعتقد بأنه قد تم تصديرها، واصلي البحث، نعم أريد رقم المعاملة لمطابقتها مع السجل في الملفات التي بين أيدينا، شكراً". يبدأ آرشي الدوران بالغرفة مفكراً.
يحاول آندرو الحديث، فيمنعه غريغ ويهمس في أذنه، "إنه في طور تجميع الأفكار وربطها ببعض وبلورتها، لندعه لشأنه بعض الوقت". غريغ مدرك تماماً لطبيعه آرشي.
يمضى الوقت بطيئا وآرشي مستمر بالتفكير. يقطع جرس الهاتف حبل أفكاره ويهرع لإلتقاط السماعه. "نعم، إنتظري لحظة من فضلك"، يؤشر أرشي لغريغ لتدوين ما سيمليه عليه، "نعم، بي كيه 1989-2 /آي آر / أوه بي 13 ، شكراً".
بسرعه يلتقط آرشي الملف ليبحث عن البيانات الخاصة بتصدير الأنابيب التحمل ويطلب من آندرو البحث في سجلات الإستخبارات عن الرقم نفسه. فمن العادة أن تراقب الإستخبارات البريطانية الصادرات ذات الإستخدام المزدوج.
"ها هو تقرير الإستخبارات" يناوله إياه آندرو.
يقرأ آرشي قليلاً ويصيح مغتبطاً "يوريكا، ....، غريغ، آندي، لقد وجدتها".
إنتهى الجزء الثاني عشر
ويتبع في الجزء القادم