Monday, November 28, 2005

رواية الدانوب الأحمر – الجزء الحادي والثلاثون



هذه الرواية خيالية. جميع الشخصيات فيها من وحي خيال الكاتب ولكنها قد تحتوي على شخصيات حقيقية تم إدخالها بالرواية من أجل الحبكة الدرامية


ينظر لساعته، إنها تمام الخامسة و النصف صباحا. سماء الفجر صافية والثلوج متراكمة، إلا أن طرق سير المشاة والشوارع قد تم تنظيفها لسير المشاة و المركبات

يبدأ سامي بالتسخين إستعداداً للقيام برياضة العدو كما إعتاد كل صباح. برودة الطقس لا تثنيه عن القيام بهذا التمرين اليومي، فقد كان مرتدياً طبقات من الملابس الدافئة والقفازات لحماية نفسه من البرد. يذكر نفسه إنه بحاجة لحرق السعرات الحرارية الزائدة بسبب تناوله للحلويات الشهية والشوكولاتة الفاخرة التي أخذ يتناولها بكثرة منذ قدومه لفيينا أوائل هذا الأسبوع

ينظر مرة أخرى لساعته. ساعته الخاصة التي يصطحبها معه دوماً أثناء وجوده خارج الكويت. إنها ليست بالساعة العادية، بل هي أداة مساندة للتمارين الرياضية تقوم بحساب سرعته اللحظية بإستخدام نظام تحديد الإحداثيات العالمي (GPS) وتقوم كذلك بالتحويل الرياضي وحساب ما قام به من تمرين إلى كمية السعرات الحرارية المستهلكة بعد أن يدخل وزنه ونوع التمرين من مشي أو عدو أو ركوب دراجة مثلاً. كما أن للجهاز إمكانية حفظ سجل كامل لتمارينه يدوم لعدة سنوات، و إمكانية تبادل هذه المعلومات مع جهاز الكمبيوتر

حسناً، يبدأ بالجري و هو يفكر. لقد تأخر قليلاً اليوم، إلا أن لديه الوقت الكافي لقطع المسافة الدنيا التي إعتاد عليها، ثم العودة للسكن للإستحمام قبل الإستعداد للذهاب للمختبر، فاليوم آخر يوم عمل لهذا الإسبوع

+++++

"ألا توجد أحجية جديدة لهذا اليوم؟" تتسائل إندرا و هي تضع أمتعتها على منضدة مكتبها

"ليس بعد، فإينزيو لم يأتي حتى الآن" يجيبها يولا

تنظر لسامي، "في حالة كتابته لأحجية جديدة، أرجو أن تحلها بسرعة دون مماطلة قبل أن يقوم ذاك الأمريكي المتعجرف بإستعراض قدراته أمامنا، و تذكر ما حدث بالأمس" تقولها مع الإبتسامه

"لننتظر ونرى ما سيحدث" يجيبها سامي

+++++

"صباح الخير يا غابي" يحييها بغير نبرته المعتادة

"صباح الخير يا ميريك، كيف أحوالك؟" ترد غابي و هي تدرك صعوبة الموقف
يهز ميريك رأسه فتوميء له متفهمة الموقف

"أود أخذ إجازة للفترة القادمة" يدخل للموضوع رأساً

"أووه، بالطبع، بالطبع. لا مشكلة في هذا بتاتا" ترد عليه

"كما أرجو أن تعتذري بالنيابة عني من إليزابيث، فلن أتمكن من تلبية حضور دعوتها للمتدربين الجدد يوم الأحد" يحدثها

"بالتأكيد يا عزيزي" تهز غابي رأسها بالإيجاب

"بالنسبة للعمل وبما يتعلق بمسؤولياتي تجاه المتدربين، فسيقوم بول بتولي الأمور حتى أعاود العمل ..." تقاطعه غابي قبل أن يتم حديثه

"هذا أمر مفروغ منه يا ميريك، فلا تشغل بالك به، عليك الآن أن تهتم ببما هو أهم" ترد

+++++

يوجه بول ويراب حديثه للمتدربين

"سأقدم لكم الآن موجزاً لكيفية التعامل مع العينات المراد قياس محتواها من النظائر المشعة لطيف الغاما، وهي أشد الشعاعات الكهرومغناطيسية نشاطاً

في الأيام الماضية قمتم بالتدرب على أخذ العينات من البيئة، وقد كانت عينات رملية. الآن علينا أن نجهز هذه العينات للفحص المخبري

أولاً، أذكركم بأهمية الحفاظ على سلامة العينات والمحافظة عليها من التلاعب أو تلويثها، وإن حدث ذلك فلا قيمة للعينات بتاتاً. مسؤولية الإبقاء على سلامة العينات تضمن أن محتوى العينة كما يصلنا للمختبر هو نفس المحتوى الفعلي للعينة كما كانت في الطبيعة عندما تم إستخلاصها من قبل المنقبون

العينات تأتي عادة بعبوات أو أكياس بلاستيكية، توضح كل منها زنة العينة ومعلومات عن الموقع الذي أتت منه

الخطوة الأولى هي ضمان تجانس العينة

توضع العينة لعدة دقائق في الخلاط متعدد المحاور، مع ملاحظه وزن العينة دوماً. قد نحتاج مبدئياً إلى تجفيف العينة، أو جزء منها، بإستخدام فرن ذو حرارة منخفضة نوعاً ما، لا تتعدى درجه غليان الماء

لا تستخدموا الحرارة العالية لكي لا يتطاير نظير السيزيوم-١٣٧ المشع، فعنصر السيزيوم من العناصر القلوية ذو درجه غليان منخفضة نوعاً ما

يتم تسجيل وزن العينة قبل وبعد التجفيف

قد تحتوي العينة على قطع كبيرة من الحصي ولذلك يجب تصفيتها بمجموعه من المناخل. في النهاية يجب وزن المحتويات النهائية لمقارنتها مع الوزن الأصلي للعينة

بعد هذا تكون العينة جاهزة للفحص

يستلزم تعبأة الجزء المراد وزنه في عبوات تعرف بعبوات المارينيللي المصنوعة من مواد بلاستيكية ذات أحجام مختلفة تتراوح ما بين ٢٥٠ ميليليتر إلى عبوات بحجم اللتر" يريهم بول عبوة المارينيللي

"يتم وزن العبوات قبل وبعد ملئها وتسجيل كتلة التربة المحتواة داخلها، ثم يتم إغلاق العبوة بإحكام وبإستخدام شريط لاصق حول الغطاء. يتبع ذلك تسجيل بيانات المحتوى على العبوة وفي السجلات. ومرة أخرى، التسجيل المنتظم لكل قياسات الأوزان مهم جداً كما هو الحال في جميع القياسات المخبرية

العينة الآن جاهزة للفحص بكاشف الغاما، وقد تتطلب العينات فترات تتراوح بين ٢٠ دقيقه إن كانت العينة ذات محتوى مركز من النظائر المشعة، إلى عدة ساعات إن كان محتواها الإشعاعي بسيط" يسرد بول بينما يسهو سامي فجأة ويتذكر أنه قرأ في وقت ما مقابلة للسيد الرفاعي، صاحب تسجيلات النظائر، وكيف إبتكر الأسم، فذكر بأنه بحكم دراسته إرتبط بإسم النظائر المشعة، ومن هنا أتى إسم شركته

"حسناً، هذا كل شيء الآن يختتم بول حديثه
يلتفت بول لسامي وإندرا

"بالنسبة لكما، فإن عليكما الخضوع لقياس جسدي كامل لمعرفة نسبة النظائر المشعة في أجسامكم. لقد جهزت الأمور لأن تقوما بهذا القياس يوم الإثنين القادم" يحدثهم

"آه، سيكون هذا ممتعاً" تحدث إندرا سامي وتغمز له مبتسمة، ويرد سامي بإبتسامة مماثلة على حياء

"إن لم يكون لديكم أية أسئلة، سنقضي باقي اليوم بالتمارين على تجهيز العينات، و الأسبوع القادم سنقوم بإجراء القياسات عليها" يتابع بول

+++++

في الفندق لدى عودته

"سيد سامي، أعتقد أن هناك رسالة بريدية لك" يقول له مارتن موظف الإستقبال و هو يناوله مفتاح غرفته بالسكن

"شكرا لك. رسالة بريدية لي؟" يحدثه مستغرباً، من سيبعث إلي برسالة و أنا لم يمضي على وجودي في فيينا سوى بضعة أيام؟ يفكر سامي

يفتح صندوق البريد الخاص به ليخرج مظروفاً صغيراً يحمل أسمه و عنوانه بخط مكتوب، يقلب المظروف ليرى شعاراً مذهباً لدولة الكويت. يتجه للمصعد و يضغط زر الطابق الثالث حيث كان يقيم ثم يفتح المظروف ليخرج بطاقة فاخرة

"بمناسبة الذكرى الرابعة عشر ليوم التحرير والذكرى الرابعة والأربعين لإستقلال دولة الكويت، يطلب فوزي الجاسم سفير دولة الكويت لدى النمسا، شرف حضور السيد سامي عبد الهادي وحرمه لحفل الإستقبال والذي سيقام مساء يوم الخميس الرابع و العشرين من فبراير، و ذلك بفندق الغراند هوتيل" يضحك مع نفسه. فلقد نسي حديثه مع سابين، السكرتيرة بالسفارة قبل عدة أيام ووعدها إياه بأن ترسل له دعوة لحضور حفل أعياد الكويت

ويبتسم لضم الدعوة لكلمة "حرمه" في الدعوة، فقد أخبرته سابين أن بإمكان ضيف المجيء معه للحفل

يفتح باب المصعد فيخرج متجهاً لغرفته. حسناً، علي أن أخبر إندرا بذلك عندما أقابلها لاحقا هذه الليلة، لربما قبلت بمصاحبتي للحفل

+++++

"أأنت متأكد من الطريق؟" تقول له إندرا و هي تحكم ربط الوشاح حول رقبتها إتقاءاً للبرد

"تمام التأكد، لقد مررت بهذا الطريق قبل أيام فقط. يجيبها سامي وهو يشير لها بأنهم سيتجهون يميناً عند وصولهم لمحل عطورات الشانيل، دخولاً بشارع شولتر

"ها هي دار العرض" يشير سامي لسينما آرتيس إنترناشيونال التي مر عليها قبل أيام أثناء تجواله بوسط المدينة

يدخلان السينما حيث كان طابور مزدحم للزبائن أمام شباك التذاكر. في خلفهم على اليسار كشك الرطبات وكعادة دور السينما الأوروبية مدخلاً لحانة للمشروبات الكحولية

كانت دار العرض هذه إحدى دور السينما القلائل في المدينة التي تعرض الأفلام دون دبلجة إلى اللغة الألمانية

يأتيهم الدور، فيتقدم سامي للنافذة "تذكرتان لفيلم راي رجاءاً" يحدث سامي الموظفة



إنتهى الجزء الحادي والثلاثون
ويتبع في الجزء القادم

Saturday, November 26, 2005

رواية الدانوب الأحمر – الجزء الثلاثون



هذه الرواية خيالية. جميع الشخصيات فيها من وحي خيال الكاتب ولكنها قد تحتوي على شخصيات حقيقية تم إدخالها بالرواية من أجل الحبكة الدرامية



بعض الناس يغتنمون أول فرصة للتعبير عن أنفسهم وإبراز مهاراتهم الفنية. يفكر مع نفسه و هو يعاين مجسماً جليدياً قائماً أمام صالون التجميل النسائي الواقع قرب سكنه. لقد إغتنمت العاملات بالمحل بطء العمل ذلك اليوم، فقمن بإقامة مجسماً لإمرأة أمام الصالون، وقد زودن مبتكرهن بجدائل ووضعن أدوات التجميل كالمقص والمشط في يديها

على الرغم من أن الثلوج لا زالت تتساقط منذ البارحة، ورغماً من أن حركة المرور كانت حذرة بعض الشيء، إلا أنها لم تشل و لا أثر لحوادث أو سيارات معطلة كما يحدث بالكويت بعد هطول سنتيمترات قليلة من الأمطار

كان سامي في طريقه مشياً إلى محطة قطار أوبردوبلنغ القريبة من مسكنه. الثلوج وبرودة الطقس الشديدة لن تثنيه عن إستغلال الوقت في إستكشاف الجديد من معالم المدينة، خاصة بعد أن علم أن الأسواق تفتح أبوابها لساعة متأخرة أيام الخميس، وهو الآن في طريقه لمرافقة إندرا في إستكشاف أحد مرافق التسوق

يصل إلى المحطة فينزل للناصية لإنتظار القطار الذي سيقدم بعد دقائق. قد أصبح معتاداً على أنمطة سير وسائل النقل العامة ومواعيد وصولها. أخذ يمضي الوقت بالمشي على رصيف الناصية والتمعن بالإعلانات المعلقة التي يغطي معظمها أماكن الترفيه في فيينا كالمتاحف و صالات العرض الفنية والموسيقية

لقد إسترعى ملصق إهتمامه. كان يحمل صورة كبيرة لدب الباندا، إنه إعلان حديقة فيينا للحيوان. أيوجد هناك دب الباندا؟ يتسائل مع نفسه وهو يحاول تذكر عدد هذه الحيوانات النادرة التي يمكن مشاهدتها في حدائق الحيوان حول العالم

يقطع حبل أفكاره صوت مذياع المحطة معلناً عن قرب وصول القطار

+++++

حسناً، لدي الفرصة لتحقيق أكبر مكسب ممكن. يجلس أمام جهاز الكمبيوتر الشخصي في مكانه المعتاد وهو يستجمع أفكاره. كمية الأدلة التي بحوزتي لا تقتصر فقط على ملفات النتائج الرقمية، وإنما أيضاً تضم على أدلة مادية لم أتخلص منها كما وصيت تحسباً لتعرضي لأية مشاكل، أو ترقباً لإمكانية مثل هذه. يا لحظي السعيد

علي الآن أن أجد طريقة لأسلم ما بجعبتي للطرف الذي سيمنحني العرض الأفضل. إن وافق الطرف الأول على مطالبي بعد أن أهددهم بتسليم ما لدي لخصومهم، فسألتزم بعدم كشف ما لدي. و إلا فالطرف الثاني سيكونون شديدي الإهتمام بما لدي من معلومات بدون شك، يقهقه مع نفسه

علي أن أضع خطة محكمة لتسليم الأدلة، إن إحتاج الأمر لذلك ولم يقتنعوا بجدية تهديدي لهم، وبعد أن أحصل على تأكيدات بالحصول على ما أريد، يبتسم مع نفسه

يا إلهي، إن كنت حذقاً في التعامل مع الطرفين، فسأحقق مكاسب مضاعفة مرات عدة عن ما عرض علي مبدئياً من قبل هؤلاء الأوغاد

+++++

"على الرغم من الصغر النسبي للسوق، إلا أنه معروف بأنه من أفضل أماكن التسوق في المدينة" تحدثه إندرا وهما يتجولان في أروقة المجمع

لقد قررا زيارة مجمع الميلينيوم سيتي الواقع على ضفاف الدانوب بالقرب من محطة هاندلسكي للقطار و بمحاذاة ناطحة للسحاب تعرف بالإسم نفسه

المجمع يحتوي على محلات مختلفة لكافة أنواع البضائع، وكانا الآن في طريقهم لمحل من سلسلة محلات ساترن للأجهزة المنزلية

بعد أن تجولا في الطابق الأول للمحل يتجهان للسلم المتحرك لزيارة الطابق العلوي حيث أجهزة الكمبيوتر و التسجيلات المرئية و البصرية

"يا له من محل ممتاز لكل الإحتياجات المنزلية والترفيهية" يقول لها سامي وهو يقارن بين المحل ومحلات الكويت، فمحلات الكويت أغلبها غير جذابة

"حسناً، ما رأيك بعد أن ننتهي من هنا بكوب من القهوة؟ دعني أنا أدعوك هذه المرة، فهناك مقهى ستاربكس بالجوار" تحدثه إندرا

"لا بأس، ولكن ما رأيك بأن تكون القهوة بعد تناول العشاء؟" يحدثها

+++++

"أهذه كل الملفات لهذه الليلة؟" يسألها

"نعم يا دكتور هاوس" تجيبه الممرضة

"حسناً إذاً، قبل أن تنتهي دورية العمل سأقوم بجولة أخيرة في الجناح" يحدثها الدكتور

"عفواً، هناك المريضة في الغرفة رقم ٦٣٠، إن زوجها لا يزال بصحبتها"
يتجهم وجه الدكتور هاوس وهو يتذكر الحالة، فالمريضة في غيبوبتها تقضي ما بقي لها من الزمن القليل على قيد الحياة

"سأمر عليهما قبل أن أغادر. ما هي حالة زوجها؟" يسأل

"إنه لا يكاد أن يفارقها وأحيانا يقضي الوقت في الحديث معها همساً" ترد

"ستفارق الحياة قريباً" يهز رأسه مضيفا، "وفاتها ستريحها من آلامها" يضيف في مخيلته، إلا أني لا أظن أن آلام الزوج ستنتهي بذلك

+++++

"أليس الجو شديد البرودة عليك؟" تسأله

"أبداً يا عزيزتي، فأنا من بيئة دافئة، بل شديدة الحرارة، أغلب أيام السنة، وهذا الجو البارد متعة لدي" يرد سامي

لقد قضيا وقتاً ممتعاً بالتسوق داخل المجمع إختتماه بعشاء في مطعم تايلندي للمأكولات السريعة وهما الآن يستمتعان بالقهوة الدافئة وهما يسيران على ضفاف نهر الدانوب

"قبل يومين وأثناء تجولي بالمدينة كنت أعتقد أن الدانوب يمر بوسط المدينة، إلا أن تلك كانت القناة السفلى للنهر" يقول لها مشيراً لمياه النهر

"نعم، هناك أيضا القنوات العليا للنهر وبعضها يتعرض للتجمد شتاءاً" ترد عليه

"في هذه الحالة يتوجب علي زيارتها و ربما التزلج عليها" يقول لها وهو يتذكر رحلة الأمس معها

"أولاً عليك أن تتقن التزلج في الأماكن الآمنة. فإن حاولت التزلج على سطح النهر المتجمد وتعرض الجليد الرقيق للتفتت فستسقط في المياه المتجمدة. وحينها لم أتمكن من إنقاذك" تقول له بمداعبة، ويضحكان سوياً


إنتهى الجزء الثلاثون
ويتبع في الجزء القادم

Wednesday, November 23, 2005

فض فوك وقل حاسدوك، زين



أول ما بديت التدوين، قررت مع نفسي إني ما أعلق على آراء الآخرين وخصوصاً كتاب الجرايد ولكن، ماكو فايدة. غصب طيب يخلونك تطلع من طورك على تفاهة وضحالة تفكيرهم

بالأمس قرأت، بل مريت مرور الكرام على جريدة الوطن، يكرم القارئ والسامع، إستوقفني مقال أحد الكتاب، مع التحفظ على مسمى الكاتب لهذا الشخص، المهم، كاتب بما معناه، بأن الأمر لا يستاهل كل هذا للإحتفال بثانوية الشويخ ومرور خمسين عام على تأسيسها، حتى إنه معنون المقال، مو باقي إلا نبوس طابوقها

ردي المختصر له هو: يا شخص، الإحتفال بالأساس هو الإحتفال بالعلم والقفزة الكبيرة من ثقافة الكتاتيب والمطوع والمعلم الديني، إلى الإسلوب الحديث من مدارس ونظم تعليمية ، أفهمت ؟، لا أعتقد، لربما أحد أمنياتك، الرجوع لطرق الكتاتيت

كيف لمثلك أن يفهم ويعي. ثقافتك مبنية على الجهل وتكميم الآخرين ومن ليس معك فهو عدوك

وكيف لي أن أعاتبك وأنت الوحيد من دافع صديقه وخلق له الأعذار بعد فضيحته بسرقة مقال بالكامل من أحد الكتاب، بل وإتهامك للكاتب الأصلي بالسرقة من صاحبك

قال أحد الشعراء في شعره، بأنه يزور ديار محبوبته ويقبل الجدران. ليس حباً بالجدران ولكن حب من سكن تلك الجدران، أفهمت ؟، لا أعتقد



Tuesday, November 22, 2005

آآآآآآخ لو يحصللي



سؤال واحد سهل وبسيط


لو يحصل لك تسوي أو تسوين عملية تجميل وحدة بس، أي عضو من أعضاء جسمك سيكون صاحب النصيب

رجاءاً لا تدخلونا بمسائل الحلال والحرام، وللجادين فقط



Saturday, November 19, 2005

رواية الدانوب الأحمر – الجزء التاسع والعشرون



هذه الرواية خيالية. جميع الشخصيات فيها من وحي خيال الكاتب ولكنها قد تحتوي على شخصيات حقيقية تم إدخالها بالرواية من أجل الحبكة الدرامية



ينظر لساعته، إنها الآن السابعة وخمساً وعشرين دقيقة صباحاً ولم يأتي باص المعمل إلى الآن. ينظر سامي حوله إلى الأرض المغطاة بالثلوج، إثر العاصفة الثلجية التي بدأت بعد منتصف الليل ولا زالت الثلوج تتساقط بغزارة. لقد منعته حالة الطقس من ممارسه رياضة العدو التي يمارسها كل نهار قبل عودته للسكن للإستحمام والتحضير ليومه في المعمل. لا عليه، سأكتفي اليوم بالتمارين الرياضية في الجيم التابع للفندق عندما أرجع هذا المساء، يفكر لنفسه

يلتفت ليساره ليرى الباص قادماً متأخراً عن موعده المعتاد بعشرين دقيقه

+++++

لم يبالغ المتنبيء الجوي حينما قال بأن اليوم سيكون شتوياً قارساً، تدور الفكرة في رأس هنري الذي إستيقظ من النوم لتوه. ينظر من نافذة الفندق بإتجاه مركز فيينا العالمي، أو الأونو سيتي حيث مقر الوكالة

في الأيام العادية، كان بإمكانه السير والوصول للمركز خلال دقائق معدودة. إلا أن الظروف الجوية اليوم تحول دون ذلك، سيسأل الموظف إن كان الفندق يوفر خدمة الإيصال السريع للمركز

حسنا، فعليه الإستعداد للذهاب إلى هناك

+++++

"يبدو أن هناك من سبقك بوضع الحل" تقول له إندرا حال الدخول للمختبر

"نعم، فمصطفى شلبي كان هنا منذ دقيقتين ليكتب الحل" يعقب يولا

يتجهان للسبورة لقراءة الجواب والذي كان مكونا من كلمتين، القطب الشمالي

"هذا هو الحل الذي إقترحته بالأمس" تعلق إندرا بشيء من خيبة الأمل

"سبقك مصطفى اليوم يا سامي" يعقب يولا بلهجة لا تخلو من السخرية، "ولكن لا عليك، فيوم لك و آخر عليك" يكمل

يبتسم لهم سامي بخبث قبل أن يرد عليهم، "إني آسف، ولكن هذا ليس هو الحل، أو على الأقل فهو ليس الحل المتكامل. هذا هو ما قصدته بالأمس حين ذكرت أن هذه المسألة تعطى كمثال في علم الهندسة غير المستوية لتوضيح أن مجموع الزوايا في المثلثات هو ١٨٠ درجة فقط عندما يرسم المثلث على سطح مستوي. أما على الأسطح اللا مستوية مثل الكرة، فإن مجموع الزوايا سيكون مختلفا" يشرح لهم سامي

"أتعني أن هناك نقطة أخرى؟" تسأله إندرا

"يا عزيزتي، هذا الحل هو حالة خاصة للحل الكلي والمكون من عدد كبير جداً من النقاط" يرد سامي

"أين تقع هذه النقاط؟" يقاطعه يولا وقد بدأ يشعر بالضيق منه، "ولماذا لا تضع الحل الآن؟"

"سأنتظر لنهاية اليوم" يجيبهم بإبتسامته المعتادة

+++++

"بول، هل لي بأن أحدثك لدقيقة؟ إني أحتاج لمساعدتك" يحدثه ميريك

"بالتأكيد يا ميريك، كيف لي أن أخدمك؟" يرد عليه بول ويروب، فني مختبر الجاما

"سأكون بحاجة للتواجد خارج المختبر، و بما إني مسؤول عن المتدربين فإني أتسائل إن كان بمقدورك إن ..." يطلب منه ميريك

"لا عليك يا صديقي، سأتولى مسؤولية الإشراف عليهم" يقاطعه بول قبل أن يكمل

"شكرا لك يا صديقي، فهذا يعني لي الكثير" يشكره ميريك

يهز بول رأسه مبتسماً. هذا أقل ما يمكنني أن أقدمه لك يا صديقي، يفكر مع نفسه

+++++

بعد إستراحة الغداء لذلك اليوم

المجموعة منهمكة في حل بعض التمارين الرياضية المتعلقة بالحسابات الإحصائية ذات الصلة بتقادير معايير الجودة التي وزها عليهم البلجيكي بول ويروب. يفتح باب المختبر و تدخل غابي هولتهاوزن مديرة المختبر و إليزابيث زايلر، وبصحبتهما رجل يحمل حقيبة ضخمة

"أرجو من الجميع الإنتباه. أود أن أقدم لكم السيد هنري ستيفنسن، زائر علمي من مختبرات سانديا الوطنية بالولايات المتحدة الأمريكية. سيقضي السيد ستيفنسن بعض الوقت معنا" تحدثهم غابي

إتجه الجميع لتحية الزائر الجديد الذي أخذ بمصافحتهم بشيء من الجفاء وهو ينظر لكل منهم من أسفل إطار نظارته والتي كانت متمركزة على طرف أنفه

"سيكون هناك متسع من الوقت لديكم للتعارف مع السيد ستيفنسن في الأيام القادمة،” تعقب غابي"إننا الآن هنا في زيارة سريعة للمختبرات. أين إينزيو؟" تسألهم

"لقد غادر مباشرة بعد الغداء" يجيبها يولا

"فعلا، لقد ذكر لي ذلك صباحا" ترد مسترجعه الموقف بينها وبين إينزيو

"ميريك إضطر أيضا للمغادرة صباحا" يضيف بول

"من إينزيو وميريك؟” يوجه هنري السؤال لغابي

"إينزيو مسؤول عن وحدة التحاليل الكيميائية و قياسات إشعاعات الالفا و البيتا، أما ميريك فهو مسؤول قياسات أشعه الغاما" تجيبه غابي

"وهل من عادة مسؤولي الوحدات التغيب كثيراً عن المختبر؟" يرد هنري بلهجة جافة

"لكل منا الحاجة لقضاء مهامه الخاصة أحياناً" ترد عليه غابي بجفاء مماثل وتوجه حديثها للمجموعة بطريقة أكثر ودية، "حسناً، سنترككم الآن لتعاودوا عملكم" وتحاول الرحيل

"ما هذه اللوحه هناك؟" يسأل هنري وهو يتجه للوحة المختبر، فيشرح له يولا عن عادة إنزيو في وضع الأحاجي لطاقم المختبر

"هذا شيء مثير للإهتمام، و لكني أرى أن أحدهم قد وضع الحل ناقصاً لهذه الأحجية، أو لنقل حلاً تافهاً أو سخيفاً كما يسميه الرياضيين" يقهقه هنري بتهكم قبل أن يضع حقيبته على الطاولة ليتناول قلما و يبدأ الكتابه

"وبهذا يكون الحل مكتملا" يلقي هنري بالقلم قبل أن يرمق الحضور بنظرة إستعلائية ويأخذ حقيبته متجهاً للباب بصحبة غابي و إليزابيث

حال خروجهم يتجه الجميع للسبورة لقراءة الإجابة

South Pole + (1/2Pi)+1

"أتفهم ما المقصود؟ أهذا هو الحل؟" ينظر يولا لسامي ويسأله

يومئ سامي برأسه مشيرا بالإيجاب

"أيمكن أن تشرحه لنا إذا" يطلب منه يولا

"الحل بسيط جداً، ويتطلب إفتراض مثالية كروية الأرض عند القطب الجنوبي. فإذا بدأنا الرحلة من نقطة تبعد عن القطب الجنوبي مسافة واحد مقسوماً على إثنان ضرب باي، مضافاً إليه كيلومتر واحد وهو المسافة المراد مشيها أولاً، وباي كما تعلمون هي علاقة محيط الدائرة إلى قطرها، وتذكروا بأننا إفترضنا كروية مثالية للأرض، علماً بأن باي تساوي تقريباً 3.14

هكذا

1 + (1 / 2Pi)


لذا، فإن هذه النقطة هي واحدة من عدد لا متناهي من النقط المثيلة ذات نفس البعد عن نقطة القطب

فلنتجه الآن جنوباً مسافة كيلوميتر واحد فسنصل لنقطة تبعد عن القطب الجنوبي مسافة تعادل واحد مقسوماً على إثنان باي

1 / 2Pi


لنتجه شرقاً الآن، فإننا سنقطع مسافة تعادل محيط دائرة ذات نصف قطر يعادل المقدار الذي ذكرته، والمحيط سيكون مقداره كالآتي

2Pi * R

و R هو نصف القطر ويساوي

1 / 2Pi

إذاً، فالمعادلة هي

2 Pi / 2 Pi

وبالإختصار يبقى لدينا كيلومتراً واحد


وأخيرا نتجه شمالاً لمسافة الكيلومتر الثالث و بهذا نكون قد وصلنا إلى النقطة التي بدأنا رحلتنا منها، بديهي، أليس كذلك؟" يضع القلم بعد الشرح

يتجاوب الجميع معه، بهز رؤوسهم

"الحقيقة أن هذا اللغز كناية عن الحالات والمواقف التي تحتوي على حلول من عدة طبقات

الكثير منا يتوقف عن محاولة الحل عندما يصل لأول الحلول والذي عادة ما يكون أسهلها. وهذا يذكرني بالفرضيات المقدمة حول مقابر الفراعنة

فمقبرة توت عنخ آمون مثلاً والتي يخيل للكثير من الناس أنها تمثل كنزاً فريداً كانت صغيرة جداً لكون الفرعون قد مات في سن صغيرة ولم يعرف عنه أنه قائد لمملكة عظيمة كغيره من الفراعنة

وعندما فتحت المقبرة كانت محتوياتها مبعثرة غير مرتبة ولم تحتوي على أية برديات لكتاب الموتى كما هي العادة مع باقي الفراعنة. علاوة على أن هناك دلائل على أن المقبرة قد فتحت مرات عدة في الأزمنة القديمة

هذا ما يدفع بالعديد من المختصين بالقول أن المقبرة وضعت بمكانها المكتشف من قبل فرعون أكثر عظمة، ربما كان سيتي الثاني، بمقربة من مقبرته لخداع لصوص الأثار الذين سيغادرون المكان بمجرد أن يعثروا على المقبرة الصغيرة ونهبها، تاركين المقبرة الكبرى سليمة من السرقه" يشرح سامي

"مصطفى، أهذا صحيح؟" يسأل الزميل السنغالي، عبدو أمودا

"يا عزيزي، يبدو بأن سامي ضليع بهذا الأمر أكثر مني" يرد مصطفى شلبي

"كان عليك أن تكتب حل اللغز صباحا قبل أن يأتي هذا الأمريكي المتعجرف ليتباهى بحلها أمامنا" يقول له يولا بلهجة لا تخلو من اللوم

"لا أدري ما السبب في طريقة تعامله الجافة هذه؟" تتسائل إندرا

"قد يعود ذلك للمهمة التي قدم من أجلها" يرد يولا و هو يهز رأسه، "فهناك بعض الجهات ممن يتصيد الأخطاء على أعمال الوكالة" يكمل





إنتهى الجزء التاسع والعشرون
ويتبع في الجزء القادم

Wednesday, November 16, 2005

طق يا مطر طق


الرجاء من الأخوة والأخوات، وإنتو تقرؤون الإهزوجة التالية، يرجى قراءتها بنفس لحن الأهزوجة الشعبية الشهيرة ، طق يا مطر طق، حتى تكتمل الفرحة والمعنى

طق يا مطر طق
بيتنا يديد، مرزامنا حديد
طق يا مطر، طق يا مطر، طق يا مطر طق

شوارع طافحة، والريحة فايحة
طق يا مطر، طق يا مطر، طق يا مطر طق

بواليع مسدودة، والدنيا سودة
طق يا مطر، طق يا مطر، طق يا مطر طق

الكل فرحان، بس آنه الزعلان
طق يا مطر، طق يا مطر، طق يا مطر طق

أعصاب تلفانه، والمره حنانه
طق يا مطر، طق يا مطر، طق يا مطر طق

ماكو دوام، وكل شي تمام
طق يا مطر، طق يا مطر، طق يا مطر طق

حلوى ورهش، إقعد وفرفش
طق يا مطر، طق يا مطر، طق يا مطر طق

السكري ملعون، صك المليون
طق يا مطر، طق يا مطر، طق يا مطر طق

عيش يوبه دنياك، وهد كل شي وراك
طق يا مطر، طق يا مطر، طق يا مطر طق

ودمتم


غرقنا

غرقة غرقة غرقة
ها للحين تبون المطر والشتا

رواية الدانوب الأحمر – الجزء الثامن والعشرون



هذه الرواية خيالية. جميع الشخصيات فيها من وحي خيال الكاتب ولكنها قد تحتوي على شخصيات حقيقية تم إدخالها بالرواية من أجل الحبكة الدرامية


في مكان آخر بالعالم

"هذا الأمر بالغ الأهمية ويعتمد عليه الرئيس" ستيف هادلي مستشار الأمن القومي يحدث الدكتور جون ماربيرغر الثالث المستشار العلمي للرئيس

"يا صديقي العزيز، إنك لا تستطيع إستعجال النتائج بالضغط علي وعلى العاملين. طريقة التحليل تتطلب خطوات معينة ذات توقيت معين لا يمكن التلاعب فيه" يرد جون ماربيرغر

"أنا لم أطلب التلاعب ..." يرد ستيف هادلي

"حسناً، أنا أسحب كلمتي، طريقة التحليل تتطلب خطوات معينة ذات توقيت معين لا يمكن إختصاره" يرد جون ماربيرغر بإبتسامة

"وعلى العموم، لقد وعدني دركر بالنتائج الأسبوع القادم، فقد إستلم دفعة جديدة من العينات" يكمل

"جميل، ...، أنا آسف يا جون ولكنك تعلم أهمية الموضوع بالنسبة للرئيس" يحدثه ستيف هادلي

"لا داعي لتذكيري، ...، سأفعل ما بوسعي لتسريع العمل" يرد جون ماربيرغر

+++++

في مقهى آينشتاين

يدخلان بمرح ويحاول سامي تدفأة يديه بفركهما ببعض

"أوووه لقد أصبح الطقس شديد البرودة" يحدثها سامي

"لم أشعر بأية برودة. لقد طغى المرح علي وملأ قلبي بالدفء" ترد بكل حيوية

"رجاءاً، إختارا المكان الذي ترغبان به" تحدثهما المضيفة والإبتسامة تعلو وجهها

"ما رأيك بهناك" يشير سامي نحو طاولة ملتصقة بالحائط حيث تعلو صورة للعالم الفيزيائي الشهير ألبرت آينشتاين، والذي تعلو صوره بكل ركن وحائط للمقهى

يتباحثان لبعض الوقت حول لائحة المشروبات والمأكولات

"هل أنتما جاهزان للطلب؟" تحدثهما المضيفة

"كوب كابتشينو لي" تحدثها إندرا

"قهوة بالحليب والسكر من فضلك. هل لنا بقطعة من كعك السكر النمساوية أيضاً" يطلب سامي

تهز رأسها والإبتسامة على محياها بالموافقة لتحقيق طلبه

"على فكرة هل نستطيع الشبك بشبكة الإنترنت؟" يسأل سامي وهو يعرف الإجابة، فقد لاحظ أثناء الدخول تجمع شابين حول كمبيوتر محمول وقد إرتبط بالشبكة العنكبوتية. لقد بدا له بأنهما إرتبطا لاسلكياً

"نعم لدينا بث لاسلكي، أستطيع أن أجلب لك إسم مستخدم وكلمة سر، تستطيع إستخدامهما" ترد عليه المضيفة

"نعم هذا مناسب لي، شكراً لك" يرد سامي

وتنصرف المضيفة مبتعدة

"بمجرد أن نشبك سأريك ما قصدته بالبلوغز" يحدث سامي إندرا

+++++

"لا أعلم ولكن هذا الأمر مستغرب. فهو لم يثر الأمر معنا، ليس بهذه الطريقة من قبل. كانت طلباته، بالأحرى تذمره شفهياً، أما الآن ..." يتوقف أناتولي عن الحديث

"ما الذي طلبه بالتحديد؟" يأتيه الصوت من على الطرف الآخر

"هو لم يحدد طلبات واضحة. كل ما ذكره أنه عمله متعب والمقابل غير مجدي له. فالمبلغ المدفوع لا يساوي المخاطرة التي أتحملها. وأنا فهمت من الرسالة بأنه يريد مقابل مادي أكبر، أليس كذلك" يتكلم أناتولي وصوته الغليظ يميزه عن الكثير

"نعم" يقولها الطرف الآخر بهمهمة

"ثم يكمل بأننا علينا لقاءه لبحث عقد جديد، وإسمع هذه، بمنافع جديدة" يقولها أناتولي بتهكم

"ماذا؟" يأتيه الصوت بإندهاش مرتفع

"منافع جديدة. هذه كلماته وليست كلماتي" يرد أناتولي

يسود الهدوء بعض الشيء

"كم تبقى له من العمل؟" يسأله

"لا شيء، القليل جداً على أكثر تقدير حسب علمي، ... وبرأيي، نحن لسنا بحاجة لبقية خدماته بعد ذلك. أنا أعتقد بأن الحبكة قد إكتملت" يرد أناتولي

"حسناً ماطله قليلاً ، لبضعة أيام لا أكثر، ريثما نجد حل مع هذا الحقير الجشع" يرد الصوت

"وماذا عن الأزرق؟" يسأله

"لديه مشاكله الخاصة، ولكن وضعه كوضع زميله الأحمر. وكما قلت لك، أعتقد بأن الحبكة قد إكتملت، لسنا بحاجه لخدمات أياً منهم قريباً جداً" يرد أناتولي بكل ثقة

"دعني أثير الأمر مع الجميع لاحقاً، ولكن كن مستعداً للتحرك سريعاً" يأتيه الرد

"وهو كذلك" يرد أناتولي وينقطع الخط


إنتهى الجزء الثامن والعشرون
ويتبع في الجزء القادم

Tuesday, November 15, 2005

أحمدوه كوجاك – أحاديث من الصليبخات


أيام زمان، كل فريج كان لازم فيه شخص مشاغب

بفريجنا كان إلطيف المينون

الفريج إللي ورانا أحمدوه كوجاك، بس طبعاً أحمدوه قفط كل الشباب. أصلاً أهو إنولد وعنده أستاذية بالشطانة والشغب

المسمى كوجاك حصل عليه لما حلق مره من المرات ع الزيرو، يعني موس

طبعا ما في داعي أقول عن الفشل الدراسي، وحتى الإجتماعي

وآخرته كان بالمركزي. ويمكن لسوء حظ العراقيين إنهم لما أطلقوا المسجونين، إن أحمدوه كان وياهم

كل ليلة من ليالي الغزو المشؤوم، طاخ، وله صوت طلقه، فإذا بكل أهل الفريج ومن بيوتهم وبصوت واحد: أحمدوه الله لا يبارك فيك، هذا وقته

دوريات عراقية وتفتيش تالي الليل، وله أحمدوه سادحله عراقي من الجيش الشعبي. طبعاً أهو مسويله مقاومة خاصة فيه

طبعاً وبعد التحرير، عفو شامل، أهو ما إرتاح بالحرية، رد مكانه الطبيعي

المراد، أستاد ع ، كان أحد الجيران ومدرس بالمدرسة الإبتدائية. واحد زقرتي مع وسامه بصراحه، وآنه أبصم بكل أصابعي، بذاك الوقت كل بنات الفريج والفرجان إللي حوالينا مغرمات فيه

المهم إستاد ع ، أيام السبعينات، سيارته بي أم دبليو خضره وكله مطيح يا بالبلاجات أو شارع الخليج مقابل المستشفى الأميري مع ربعه

سيارته شغل عدل، مركبله أربع كشافات، وكل شي، المهم سيارته كانت مميزة بصراحه

طبعاً أحمدوه كوجاك لازم يتحرش

ذاك اليوم الظهر، وله فجأة سيارة الأستاد ع مبيوقه، كشاف مختفي وشعار البي أم دبليو

عيال الفريج، طبعاً كانوا مخترعين بس شافوا أحمدوه وهو يبوق الكشاف

إستاد ع: حجية ولدك بايق السيارة
الأم: إنتو كلكم على ولدي، أي شي يصير بالفريج بلشتوه
إستاد ع: حجية الجيران شايفينه
الأم: كلهم يكذبون

ولدها الثاني ياي وراكب القاري

إستاد ع: إنزين، الجيران يكذبون، وآنه أتبلى عليه، إنزين هذا شنو

ويأشر على قاري ولدها وله مركب عليه كشاف و شعار البي أم دبليو ملصق بتيب لاصق

الأم: وي لعلك الموت أحمدوه، الله ياخذك، فشلتنا وقصيت ويهي جدام الناس

طاخ

وله طراق حق ولدها، الولد يبكي

الأم: من وينلك هذا

ولدها: آآآآآآآه، قاعد يبكي، أحمدوه ركبه على قارييي


أحمدوه كوجاك، علامة فارقة في تاريخ فريجنا، يا ترى وينه فيه




Monday, November 14, 2005

الله يرحمك يا سعاد حسني

الدنيا ربيع والجو بديع
لا أنكر بأن الجو قبل عدة أيام كان رائع بل أكثر من ذلك ولكن المطر قضى على فرحتنا المؤقته
مطر ... مطر ... مطر
وليه ردينا للكآبة والقرحة من الجو القاتم
أكره اللون الرمادي من أيام بنطلون المدرسة
الله يعينا هالكم شهر الجايين

Saturday, November 12, 2005

رواية الدانوب الأحمر – الجزء السابع والعشرون



هذه الرواية خيالية. جميع الشخصيات فيها من وحي خيال الكاتب ولكنها قد تحتوي على شخصيات حقيقية تم إدخالها بالرواية من أجل الحبكة الدرامية



"هل تم حجز فندق جيد لك؟" يأتيه السؤال

"نعم يا عزيزتي، وهو ليس ببعيد عن مكان العمل " يرد عليها

"جيد جدا. إذا لم تتأخر في الذهاب إلى هناك كل صباح، و هذا يعني إنك لن تكون بحاجة للإستيقاظ مبكراًً من النوم كل يوم. ...، وماذا عن الطقس؟" تسأله زوجته

"إنه شديد البرودة، ويبدو لي بأن عاصفة ثلجية آتية الليلة" يرد عليها

"إذاً لقد أحسنت صنعاً عندما أشرت عليك بأخذ ملابسك الثقيلة معك تحسباً لمثل هذا الطقس" تأتيه ضحطتها من الطرف الآخر

"نعم يا عزيزتي، أنت دائماً ما تهتمين لمثل هذه الأمور" وهل كنت سآتي إلى هنا بقمصان التي شيرت شورت البيرميودا مثلاً في هذا الوقت؟ يفكر مع نفسه

"حسناً يا عزيزي، لا بد أن الوقت متأخر عندك، فسأدعك تخلد للراحة. و لا تنس شراء التذكارات و الهدايا كما أوصيناك" تطلب منه

"في أسرع وقت يا عزيزتي، فلدي متسع من الوقت، خاصة وإن مهمتي الأساسية لن تبدأ قبل الإسبوع القادم" يرد عليها

"لا تتأخر في السهر الآن. سأخبر الصغار عن وصولك سالماً حينما يأتون من المدرسة، أنا أفتقدك، ..، مع السلامة" تحدثه

يغلق الهاتف و تبدأ بتأمل غرفته في فندق الكراون بلازا

إنها مريحة فعلاً، كما إنها غير بعيدة عن المجمع الذي يضم الوكالة. إلا أنه يعتقد بأنه سيقضي معظم وقته في وحدة المختبرات الكائنة بعيداً عن المدينة، إلا أنه قد يضطر أيضاً للتواجد في أماكن أخرى حسب ما ستقتضيه مهمته

هو يعلم بأن الأيام القادمة قد تكون غاية في التعقيد ومهمته ليست بالهينة. عدا الأمور المهنية، فعليه أن يكون في غاية الحرص والحذر مع من سيتعامل معهم. الأمر لن يكون سهلاً، و لقد أرسل إلى هنا للتيقن من أمور سيكون لها ردود فعل كبيرة على الساحة العالمية

+++++


"هيا يا سامي، عليك بالمحافظة على إتزانك وأنت تقوم بالدوران" تقول له ضاحكة

إنني أفعل ما إستطعت، يفكر مع نفسه. إن الأمر يحتاج لبعض الوقت كي يعاود مهاراته التي إكتسبها منذ فترة

"أنظر إلى الصغار من حولك يا سامي، أتريد إقناعي إنهم أفضل من رجل بمثل عمرك؟" تقول له وهي تدور حوله بكل خفة

" إنهم فعلاً أفضل مني. ولربما كان هؤلاء الصغار من المتدربين الجدد للدورة الأولمبية الشتوية القادمة يا إندرا" يرد عليها ضاحكاً.

إلا أنه لا يستطيع إنكار شعوره بالمتعة معها في هذا المكان الذي إقترحته عليه. يفكر مع نفسه

منذ عشرة أعوام، بدأت بلدية فيينا بإقامة حلقة للتزلج على الجليد أمام مقر البلدية إبتداء من شهر يناير وحتى شهر مارس. قامت إندرا بإقتراح زيارة هذا المكان الذي يعتبر من الأماكن المحببة للجمهور في مثل هذا الوقت من كل عام. كانت الحلقة مزدحمة بالناس من مختلف الأعمار كباراً و صغاراً، وحتى من ذوي الإحتياجات الخاصة. المكان والجو والحضور كانوا يبعثون على البهجة

يا لحسن حظهم بوجود مثل هذا التوجه لدى بلديتهم، يفكر سامي متذكراً التوجهات لقتل البهجة في الكويت و الضوابط على الإحتفالات

حلقة التزلج يعلوها هيكل معدني ذو أربعة روافد يماثل القبة تتدلى من قمتها مرآة كروية كتلك المرايا التي إشتهرت أيام موجة الديسكو في السبعينيات. الروافد مزودة بأجهزة إضاءة متغيرة الألوان وفي وسط المضمار هناك كشك زجاجي يديره الدي جي الذي كان يشغل المقطوعات الموسيقية الواحدة تلو الأخرى من مقطوعات موسيقى البوب بالإضافة للمقطوعات الكلاسيكيه، هذا بالإضافة إلي قيامه بعمل بعض اللقاءات مع الجمهور والمسابقات السريعة

حول الحلقة كانت مجموعة من الأكشاك التي توفر المأكولات و المشروبات المختلفة للجمهور، والذين كانوا يقفون بمحاذاة الحلقة للتفرج على المتزحلقين.
يبدو أنني ومحاولاتي لمجاراة إندرا في التزلج سأكون مادة دسمة للتندر من قبل أغلبية كبيرة من المتفرجين

بعض المتزحلقين كانوا من كبار السن والأزواج منهم يتجولون بالحلقة ممسكين بأيادي بعضهم البعض. بعض صغار السن من المتزلجين كانوا يعتمدون على زلاجة بشكل طائر البطريق أمامهم ليضمن لهم التوازن و السلامة. يا لجذابيتهم ولطافتهم. إلا أنه كبير على مثل هذه الزلاجات! يفكر سامي مع نفسه


"هيا يا سامي، إن الأمر ليس بصعب" تتحداه إندرا لمجاراتها في التزلج و هي تدور حوله. لقد كانت تجعل الأمر يبدو وكأنه سهلاً فعلاً وهي تتنقل بخفة وكأنها تطفو بالهواء على ساقيها الطويلتين

كان يجب على أن أقضي وقت أكثر في قاعة التزلج أيام صباي. إلا أنني أمتلك بعض الخبرة على الأقل من محاولاتي للتزلج في الحلقة التابعة لمركز روكفلر بلازا أمام تمثال بروميثيوس ، يتذكر سامي أيام دراسته في مدينة نيويورك

"إعطيني بعض الدقائق لأسترد فيها مهارتي، و حينها لن تتمكني من مجارتي" يجيبها بلهجة التحدي

"سنرى ذلك" تجيبه ضاحكة قبل أن تتوقف بشكل فجائي وهي تقابله، "حسناً، سأكون مدربتك الآن. حاول أن تحافظ على سيرك مستقيماً و أنت قادم نحوي" تمد يديها و تشير له بالتقدم نحوها

"ليس هذا بالأمر الصعب" يقول لها و هو يتقدم نحوها بخطوات متثاقلة

"وأستطيع أن أقوم بذلك و أنا أتزلج للخلف معصب العينان ..." لم يكمل جملته، فقد إختل إتزانه وبدأ بالتعثر، سيسقط على وجهه لا محالة

تسرع إندرا نحوه قبل أن يتعثر كليا. تصطدم به بخفة وهي تعينه على إستعادة إتزانه. في تلك اللحظة إلتقت عيناهما وهما يحتضنان بعضهما وجهاً لوجه. على الرغم من برودة هذه الليلة، فقد كانا يشعران بالدفىء في هذه الأثناء وهما وسط الجمهور و المتزحلقين. لم يكن هناك داعي للكلمات و الموسيقى الجميلة تصدح في هذا الجو البهيج

"حسناً يا عزيزي، سأمسك بيدك حتى تقوي على الإعتماد على نفسك" تقول له بلهجة ساخرة و تنطلق ممسكة بيده اليمنى

+++++

شاشة الحاسب الآلي المحمول تضيء وجهه بينما هو مستمر في طباعة الرسالة الإلكترونية

"ها نحن نبدأ" يحدث نفسه، بينما يضغط على زر الإرسال

يرتشف كوبه الثالث من قهوة الإسبريسو منتظراً الرد، بينما كأس الكونياك مازال على حاله لم يرتشف منه شيئاً

المكان مزدحم بعض الشيء والمقهى ليس بإستثناء. حسناً فعلت بقدومي مبكراً واختياري لمكان الجلوس المعزول البعيد عن الأنظار هذا. ولكن عيبه أنه مخصص لغير المدخنين

لقد إرتبط بالشبكة لاسلكياً وهذا ما يضايقه خوفاً من محاولة أحدهم قراءة المراسلات على الرغم من تشفير جميع رسائله

كان بإمكانه العمل من المكتب إلا أنه لا يأمن لخصوصيته هناك أيضاً

آه لو تم هذا الأمر لي، لتحققت أحلامي جميعها، يحدث نفسه. أرجو أن يوافقوا على ما عرضته عليهم. هل طلبت كفاية منهم؟ لقد كنت كريماً بعرضي. يا ترى هل سيستجيبون؟ لابد أن يستجيبوا. فما بحوزتي سيغير مصير أمم

تقطع رنة وصول رسالة إليكترونية حبل أحلامه، وبسرعة يبدأ بقراءة الرسالة

يا إلهي! لا أصدق إنهم يوافقون على طلبي شرط حصولهم على معلومات أولية للتحقق من صدقها وأصالتها. يحدث نفسه

لا بأس في ذلك. سأعطيكم شيئاً لن ينسوه بالمرة

يبدأ بطباعة رسالة أخرى وتحميل بعض الملفات المرافقة كدليل لهم. وينتظر

يطول الإنتظار بعض الشيء وينهمك بمتابعة مواضيع أخرى من الإنترنت بينما يرشف من كأس الكونياك

وبعد طول إنتظار، تصل له رسالة أخرى، فيبدأ بالقراءة

إذاً هذه وسيلة الإتصال بالطرف الآخر، يحدق بالشاشة وتعلو وجهه إبتسامة

وبعد دقائق

حسناً لنر ما سيعرضه الطرف الآخر، ويبدأ في كتابة الرسالة

"العمل مضني والمقابل غير مجدي. علينا اللقاء لبحث عقد جديد بمنافع جديدة. المبلغ المدفوع لا يساوي المخاطرة التي أتحملها

يرجى الرد بسرعة

الأحمر"

يشفر رسالته بعد إمضائها بإسم الأحمر، وهو الأسم المتفق عليه بينه وبينهم

هذه آخر مرة أرسل أطلب منهم زيادة المبلغ. يحدث نفسه، وإلا سوف أندفع بالإتجاه المغاير وخصوصاً مع ردهم الإيجابي

إنتهى الجزء السابع والعشرون
ويتبع في الجزء القادم


Wednesday, November 09, 2005

غووغيل



بومريوم قبل فترة وأثناء أحداث حقوق المرأة، وضع بوست وقال غووغيل مي الفرج، تذكرونها، وهناك مفاجأة للباحثين عن المعلومة

المراد قبل عدة أيام كنت منشغل بقراءة بيانات الستات كاونتر وكل الشكر للعزيز كيو لأنه عرفنا على البرنامج

المهم، بغيت أعرف من وين الزوار جايين. في برنامج الستات كاونتر خاصية معرفة نوعية البحث وكلمة البحث إللي الزوار إبحثوها وبالتالي طلعت لهم صفحتي

بصراحة المفاجأة كانت مذهلة وصدمة لي بخصوص الكلمات، شوفوا معاي بعض المصطلحات

الملابس الداخلية
السكس
قصص سكس
سكسي
**** من الخلف – لن أذكر الكلمة
صور روبي
صور يابني سكسي – يمكن القصد ياباني

وكلمات أخرى كثيرة

خلاص قررت أصك البلوغ






Tuesday, November 08, 2005

رواية الدانوب الأحمر – الجزء السادس والعشرون




هذه الرواية خيالية. جميع الشخصيات فيها من وحي خيال الكاتب ولكنها قد تحتوي على شخصيات حقيقية تم إدخالها بالرواية من أجل الحبكة الدرامية



في طريق العودة كان كلاهما مرهقاً من العمل طوال اليوم

"لقد أعد إينزيو أحجية جديدة" يحدث سامي إندرا

"هل هي صعبة؟" تسأله

"لا في الحقيقة، أنا أعرف الحل ولكني إرتأيت أن أنتظر لعل أحدهم يحلها" يجيبها

"وما هي الأحجية؟" تسأله

يشرح سامي الأحجية، ويضحك عندما تقع إندرا في الفخ الذي نصبه إينزيو.

وبعد مرور بعض الوقت

"لا أصدق كم هي مضنية هذه الدورة و ذلك على الرغم من أن العمل المخبري هو تخصصي إلا أننا نغطي الكثير خلال أيام العمل" تبدأ إندرا بالحديث

"نعم، وأعتقد أن السبب هو الفترة المخصصة لهذه الدورة تحتم الطبيعة المركزة لمحتواها الفني. إلا أنه لدي العلاج المناسب للإرهاق بعد يوم مجهد، فالموسيقى هي غذاء الروح" يقول ذلك و هو يخرج جهاز الآي بود ويناولها إحدى السماعتين فتضعها في أذنها مبتسمة

"بشرط أن لا تكون الموسيقى من الأنماط المزعجة أو العنيفة كالراب أو الهيفي ميتال" تقول

يضحك، "لن تجدي مثل هذه الموسيقى لدي! سأضع الجهاز على منتقي الإختيار العشوائي ليختار لنا ما سنستمع إليه في طريق العودة" يجيبها

يبدأ الإثنان بالإستماع للموسيقى

+++++

توقفت الطائرة و فتحت الأبواب. بدأ بجمع أمتعته وأخذ يخطو طريقه ببطء نحو المخرج

كم يكره السفر في مثل هذه المهام. لم لا يستعينون بمن هم أدنى منه مرتبة لمثل هذه الأعمال، يتسائل مع نفسه

أمامه الآن مدخل منطقة الجوازات. هنا شباك مخصص لحملة الجوازات من الدول الأوروبية، وشبابيك أخرى لغيرهم

و ماذا عن المسافرين من شاكلتي؟ يا لهم من مغرورين هؤلاء الأوروبيون. أيعقل أن يشركوا حملة الجوازات الأمريكية مع حملة الجوازات من دول العالم الأخرى؟ يتسائل مع نفسه وهو يأخذ دوره في الطابور

+++++

لا يزال الباص بمنتصف الطريق المؤدي إلى مدينة فيينا. جهاز الآي بود يبدأ بالمقطع الموسيقي التالي

"آه، إن هذه المقطوعة ملائمة لطبيعة عملنا، هل تعرفينها؟" يسأل سامي بينما تهز إندرا رأسها بالنفي

"إنها لأحد الموسيقيين الحديثين المفضلين لدي" يجيب سامي

تبدأ القطعة بإيقاعات سريعة رتيبة على آلات إليكترونية تتردد بشكل منتظم مع بعض التحور، يعقبها بشكل فجائي صوت سوبرانو بترديد أرقام بشكل هادر. تنظر إليه إندرا بإستغراب. سرعان ما تبدأ الأصوات في المقطوعة بترديد النوتات الموسيقية بدلا من الأرقام. بعد بضعة دقائق تهز رأسها

"ما هذه المقطوعة بالضبط؟ تسأله

"إنها جزء من خاتمة أوبرا المسماة آينشتاين على الشاطيء ، للموسيقار الأمريكي فيليب غلاس" يجيبها

"لم اسمعها من قبل" تحدثه

"المقطوعة تمثل تصورين لمستقبل البشرية. أولهما تصور متفائل يصور الإنسانية في مرحلة إستكشاف الفضاء، إلا أن المقطوعة تنتهي بالإشارة لإنفجار نووي، و في نهايتها تظهر على المسرح معادلة آينشتاين الشهيرة الموضحة للعلاقة بين المادة والطاقة. لهذا ذكرت أنها قطعة ملائمة لعملنا. تلك الأوبرا كانت ولا تزال فريدة في أنها تخلو من حبكة واضحة والحوار فيها يحتوي على الأرقام و ترديد النوتات الموسيقية. العامل المشترك خلالها هو وجود آينشتاين كعازف للكمان طوال الأوبرا" يشرح

"وما أدراك بكل هذا، أرأيتها من قبل؟" تسأله

"لقد حضرت عرضاً لهذه الأوبرا عندما أحيته أكاديمية بروكلين للموسيقى أثناء وجودي في الولايات المتحدة للدراسة" يسهب سامي

"كنت أنوي سؤالك، لقد أتممت دراستك في الولايات المتحدة الأمريكيه، أليس كذلك؟" تسأل

"نعم، لقد أتممت جزءاً من دراستي هناك" يرد عليها

"هذا يفسر تمكنك من الحديث بالإنكليزية بلهجة أميريكية" تنظر إليه بإبتسامتها العذبة، "فطريقة حديثك تذكرني بنجوم السينما الكلاسيكية" تكمل

"أحقا تظنين ذلك؟ من من النجوم بالضبط، كلارك غيبل أم كاري غرانت؟" يسأل

تنظر إليه بمكر، "بل جيري لويس!" تجيبه ضاحكة ويشاركها الضحك

"أنني آسفة، فأنا لا أشاركك الإعجاب بهذه المقطوعة. فهي شديدة الغرابة و لا أستسيغها" تحدثه

"حسناً إذا، لنرى مالمقطوعة التالية" يضغط الزر الأيمن على عجلة الآي بود

وبشكل خافت تبدأ مقطوعة موسيقية تعرف عليها الإثنان لحظياً

"نعم، هذه الموسيقى ملائمة أكثر وخصوصا أننا الآن بفيينا" تحدثه

يستمعان للقطعة الموسيقية العظيمة والتي تعد من أشهر المؤلفات الموسيقية على الإطلاق. فقد استمع كلاهما إليها مراراً من قبل، إلا أنها تظل محببة إلى الأنفس مهما تعددت مرات الإستماع إليها

تمر الدقائق وهما يتبادلان النظرات الصامتة. بينما تعزف الموسيقى ينتبه أنه قد أمضى الدقائق وهو يتأمل عيناها الجميلتان اللتان كانتا تشاركانه النظرات بصمت طوال هذه الفترة. لا داعي لأي كلمات ما دامت الأعين تتبادل الحوار و الآذان أسيرة لوقع الموسيقى الساحرة

وعند وصول القطعة الموسيقية لنهايتها تبادره إندرا بالحديث

"هذه المقطوعة تظهر عبقرية يوهان شتراوس وبراعته في التعبير الموسيقي. فبدايتها يتصور المستمع وكأنه يرى بعيناه تساقط قطرات الندى بينما تستيقظ الحياة فجراً. ثم يأتي الشروق وتنشط الحياة والحركة حول النهر، وأخيراً يحين الغروب لتخبو الحياة نحو السكينة قبل أن تنتهي القطعة بوعد أن تتكرر الدائرة في الغد. لكم أعشق هذه المقطوعة، لكم أعشق موسيقى الدانوب الأزرق" تشرح إندرا

كان الباص يسير على مشارف فيينا، على اليسار فندق هيلتون الدانوب، بينما على يمينهم كان يجري النهر موضوع القطعة الموسيقية التي إنتهيا من الإستماع إليها تواً

يشير من النافذة على يمينه إلى النهر، "في الحقيقة إني لا أراه أزرقاً" يتابع بلهجة دعابة، "كما إنني عندما أستمع للمقطوعة فإنني أتصور بمخيلتي سفناً فضائية و محطات مدارية!" يرد عليها

تسأله، "أأنت من عشاق كيوبرك؟" تنظر إليه بطرف عينيها

"نعم إلا أنني من محبي الغموض و الرومانسية لدى فيليني أيضاً" يجيبها ضاحكاً

تبتسم له وتبدأ بهمهمة نغمة تعرف عليها في الحال، فهي من مؤلفات الموسيقار الإيطالي نينو روتا و التي إستخدما المخرج الإيطالي الفذ في رائعته ثمانٍ ونصف

يا إلهي! يفكر لنفسه. إننا نتشارك بالعديد من الإهتمامات

شارف الباص على المحطة، فتناوله إندرا السماعة و تتأهب لجمع أغراضها للنزول

"شكراً لك، فإني فعلا أشعر بإرتياح الآن" تحدثه

"إن هذا من دواعي سروري يا إندرا. و لكن هل لي أن أسألك شيئاً؟" يسأل سامي

"نعم، بالتأكيد" ترد

"ما هي مخططاتك لهذه الليلة؟" يسألها





إنتهى الجزء السادس والعشرون
ويتبع في الجزء القادم

Wednesday, November 02, 2005

رواية الدانوب الأحمر – الجزء الخامس والعشرون



هذه الرواية خيالية. جميع الشخصيات فيها من وحي خيال الكاتب ولكنها قد تحتوي على شخصيات حقيقية تم إدخالها بالرواية من أجل الحبكة الدرامية


"كما سمعتم. لقد أعطتني إندرا الخيط الأول للحل" يحدثهم سامي

"وكيف" يسأل يولا

"المسائل الرياضية غالباً ما تعتمد على قاعدة لحلها" يكمل، "أتذكرين يا إندرا ماذا قلت في طريقنا إلى هنا عن الحقول؟" يسألها سامي

"نعم. ...، قلت ليتني كنت شاعرة!" ترد إندرا بعد تفكير

"صحيح، ولكنك قلت أيضاً ليتني أستطيع وصف المنظر، أليس كذلك؟" يسألها بينما تهز رأسها بالموافقة

"في هذه الأحجية قاعدة الحل هي الوصف. أنظروا معي إلى السطر الأول، والرقم واحد، كيف نصفه يا ترى؟" يسألهم ولا ينتظر الرد

"نقول عادةً 1، أليس كذلك؟" يسأل في صياغ الحديث بينما يهزون رؤوسهم بالموافقة ، "ولكن كم واحداً لدينا؟" يسألهم ويبدو الإرتباك عليهم بعض الشيء

"حسناً أنظروا للسطر الثاني، إنه يصف السطر الأول. فنحن لدينا وصف للسطر الأول. لدينا واحد واحد" ينطق سامي العددين بصوت مرتفع مع إطالة اللفظ

"أي لدينا عدد، إنتبهوا معي، فأنا أقول عدد، لدينا عدد واحد للرقم 1. وعند كتابتنا للوصف، أي عدد 1 للرقم 1، فإننا نكتبه 11، وهو شبيه للرقم إحدى عشر، وهنا تكمن الخدعة المضللة، فنحن قرأنا الوصف وكأنه رقم" يشرح سامي

"حسناً لنوصف السطر الثاني الآن، أي عدد 1 للرقم 1، أو ما نراه الرقم 11 ، فما سيكون يا ترى؟" يسألهم

"حسنا، لدينا عددان إثنان للرقم واحد" يجيب يولا

" نعم فهمت ما تقصد. فبالتالي السطر الذي يليه لا بد أن يكون 21 أي عددان إثنان للرقم 1 " تجيب إندرا

"وأنا طوال الوقت ظننت بأن الرقم واحد وعشرون. يبدو أنني وقعت بالفخ الذي نصبه إينزيو" يحدثهم كيم مبتسماً

"بالضبط، وهكذا دواليك، فانظروا معي الآن للأحجية كاملة مع السطر الأخير للحل


1
11
21
1211
111221
312211
13112221

والحل
1113213211

بمجرد معرفة قاعدة الحل نرى الأحاجي بوضوح أكثر، أليس كذلك؟" ينهي سامي حديثه

+++++

في ظهيرة ذاك اليوم وفي المختبر مع إليزابيث زايلر، قبيل إبتداء فترة الغداء

"ثم تأكدوا مرة نهائية من تسجيلكم لكافة العمليات التي تقومون بها سواء بالعمل الحقلي أو المختبري. وليكن بمعلومكم بأنكم لن تستطيعوا الذهاب للحقل كل مرة لتسجيل البيانات مرة أخرى في حالة وجود خلل" تحدثهم إليزابث في ختام محاضرتها عن طرق ضبط الجودة في العمل الحقلي والمختبري، بينما تمر عليهم للتأكد من إلمامهم بالتدريب الذي أنهته للتو

"يا عزيزتي لينا، ليس هناك ضرر من إستخدام المسطرة لمراجعة الأرقام على السطر الواحد" تحدث إليزابث لينا شيلفاشكيلي، الزميلة من جمهورية روسيا البيضاء، بإبتسامة


وبعد تأكدها من إنتهائهم

"حسناً، هل أستطيع الحصول على إنتباهكم قبل خروجكم من المختبر لو سمحتم؟" تطلب من إليزابيث

ويلتفت الجميع نحوها

"بما إن أغلبكم حديثي العهد معنا ولا أعتقد أن لديكم أية إلتزامات أيام العطلة القادمة، أردت إخباركم بأنني أود دعوتكم يوم الأحد القادم للنزهة مع بعض الزملاء" تحدثهم

تتعالى الأصوات بالقبول

"سنقوم بزيارة أحد الأديرة على ضفاف الدانوب في مدينة ميلك. إنها منطقة جميلة وستعجبكم كثيراً. وبعدها أود دعوتكم للعشاء في منزلي" تكمل

"إنها لفتة كريمة منك سيدة زايلر! أعتقد أنني أتحدث عن نفسي بأن هذا سيكون من دواعي سروري" يتحدث القادري جاتو، الزميل من المغرب

"وماذا عن البقية؟" تسأل

"تأتيها الموافقات وإن كانت أغلبها بهز الرأس

"حسنا، إليكم أرقام هاتفي الشخصي، سألقاكم عند محطة القطار القريبة من مكان سكني، محطة آلت إرلا على الخط يو ستة. عند الساعة التاسعة صباحاً، أيناسبكم هذا الوقت؟" تسأل إليزابيث بينما تكتب لهم رقم هاتفها على اللوحة

"بالتأكيد!" يأتي الرد

"حسنا. سأقوم مع يولا بإستعارة سيارتي فان من سيارات المختبر للرحلة، ...، شكراً لكم جميعاً" تحدثهم

يشكرونها ويخرج البعض متوجهاً نحو الكافيتريا وتبقى بعض الفتيات للحديث معها

+++++

"صباح الخير يا دورا" يحيي الدكتور فان آرزديل مساعدته السيدة فيليكوفسكي في المختبر

"صباح الخير يا جاك. كيف كانت ليلتك؟" تجيبه

"كالعادة، كل شيء على ما يرام. وماذا عنك؟" يسأل بدوره

"لا شيء يذكر في الواقع. وإن كان العمل سيتطلب منا إهتمامات أكثر في الأيام القادمة" تجيب

"ماذا عن العمل؟" يسألها

"لقد إستلمنا شحنة أخري" وتشير إلى الصناديق الموضوعة على أرض المعمل،
ترتسم علامات الجدية على وجه الدكتور فان آرزديل ويتجه نحو الصناديق

"آه سري للغاية" الدكتور فان آرزديل نفسه بصوت مسموع

"نعم" تسايره دورا في الحديث

"أليس هذا الحال مع كل الصناديق. حسناً يا دورا، لا وقت لدينا لإضاعته. الرجاء أن تتصلي بالدكتور دركر والسيد بينجامين لفتح الصناديق. أرجو أن يكون أفراد طاقم العمل على إستعداد لإخلاء جداول أعمالهم، فالأولوية الآن هي التركيز على هذه العينات" يحدثها

على الرغم من إمتلاكه الصلاحية الكاملة لفتح الصناديق بنفسه، إلا أن البروتوكول يحتم على رئيس المجموعة وضابط الإرتباط أن يكونا متواجدين أثناء فتح الصناديق و مطابقة محتوياتها مع المعلومات المتوفرة لديهم قبل البدء الفعلي بالفحوصات المخبرية

+++++

تخرج مجموعة الزملاء من الكافيتريا، ويلفت إنتباههم قيام روبي بلصق نشرة

يتوجه مصطفى شلبي نحو النشرة

"ما هذا؟" يسأل مصطفى

"إنه ملصق إعلان عن الحفل السنوي الراقص للمنظمة" ترد روبي

"وأي نوع من الرقص؟" يسألها

"يا عزيزي مصطفى أنت في فيينا، فهل هناك رقصة أخرى بجانب الفالس؟" ترد

"أنا عن نفسي أجيد رقصة العصا" يجيب " ...، ورقصة الواحدة والنص" يكمل ضاحكاً بعد أن قال الجملة الأخيرة همساً

"ماذا؟ ماذا قلت؟" لم تفهم روبي ما قاله مصطفى

"لا عليك، لقد كنت أهذي. يا أعزاء من منكم سيذهب للحفل الراقص؟" يسأل مصطفى

"أنا عن نفسي، فلا أعرف كيف أرقص" يحدثهم عبدو أمودا السنغالي

"وماذا عنك يا روزا؟" يسأل مصطفى روزا لوبز

"لا أعتقد بأنهم يقبلون برقص السالسا أو التانغو" ترد وهي تضحك

"أنا أضم صوتي لروزا" يحدثهم روبيرتو روزانهينيو البرازيلي

ينفرد سامي بأندرا ويحدثها، "وماذا عنك يا إندرا؟ أتجيدين رقص الفالس ورقصات القاعات؟" يسألها

"بالطبع! وسأفكر بالأمر ملياً، ولكني لم أجلب معي ثياباً تليق بالمناسبة" ترد

"وماذا عنك؟" تسأله

"يا عزيزتي هناك الكثير مما لا تعرفينه عني. وعلى نقيضك تماماً، فقد جلبت البدلة وربطة العنق البيضاء معي" يرد بإبتسامة

"سامي!!! أنت تفاجئني يومياً" ترد إندرا

+++++

وفي المختبر قبيل موعد إنتهاء العمل

"أحجية جديدة يا سامي. يبدو أن إينزيو يتحداك لحل ألغازه" يحدثه كيم

يتقدم سامي ليقرأ موضوع الأحجية

"هل توجد نقاطاً على كوكب الأرض، التي يمكن لرحال منها أن يتجه جنوباً مسافة كيلومتر واحد، يعقبها بالإتجاه شرقاً مسافة كيلومتر آخر، ثم الإتجاه شمالاً لكيلومتر ثالث بحيث أن نقطة نهاية الرحلة هي نفس نقطة البداية؟"، يضحك سامي، "ماذا جرى لإينزيو؟ يبدو بأنه قد أصبح يائساً. أحجية اليوم سهلة جداً" يحدثهم

"أو تعرفت على الحل بهذه السرعة؟" يسأله نزار دعدوش

"نعم، إنها من الأسئلة التقليدية بعلم الهندسة غير المستوية" يرد

"إذاً لماذا لا تسجل الحل؟" يسأله يولا

"سأنتظر للغد لأرى أي من الزملاء سيقع في المطب الذي نصبه إنزيو" يجيبه بإبتسامة ماكرة



إنتهى الجزء الخامس والعشرون
ويتبع في الجزء القادم