Monday, November 28, 2005

رواية الدانوب الأحمر – الجزء الحادي والثلاثون



هذه الرواية خيالية. جميع الشخصيات فيها من وحي خيال الكاتب ولكنها قد تحتوي على شخصيات حقيقية تم إدخالها بالرواية من أجل الحبكة الدرامية


ينظر لساعته، إنها تمام الخامسة و النصف صباحا. سماء الفجر صافية والثلوج متراكمة، إلا أن طرق سير المشاة والشوارع قد تم تنظيفها لسير المشاة و المركبات

يبدأ سامي بالتسخين إستعداداً للقيام برياضة العدو كما إعتاد كل صباح. برودة الطقس لا تثنيه عن القيام بهذا التمرين اليومي، فقد كان مرتدياً طبقات من الملابس الدافئة والقفازات لحماية نفسه من البرد. يذكر نفسه إنه بحاجة لحرق السعرات الحرارية الزائدة بسبب تناوله للحلويات الشهية والشوكولاتة الفاخرة التي أخذ يتناولها بكثرة منذ قدومه لفيينا أوائل هذا الأسبوع

ينظر مرة أخرى لساعته. ساعته الخاصة التي يصطحبها معه دوماً أثناء وجوده خارج الكويت. إنها ليست بالساعة العادية، بل هي أداة مساندة للتمارين الرياضية تقوم بحساب سرعته اللحظية بإستخدام نظام تحديد الإحداثيات العالمي (GPS) وتقوم كذلك بالتحويل الرياضي وحساب ما قام به من تمرين إلى كمية السعرات الحرارية المستهلكة بعد أن يدخل وزنه ونوع التمرين من مشي أو عدو أو ركوب دراجة مثلاً. كما أن للجهاز إمكانية حفظ سجل كامل لتمارينه يدوم لعدة سنوات، و إمكانية تبادل هذه المعلومات مع جهاز الكمبيوتر

حسناً، يبدأ بالجري و هو يفكر. لقد تأخر قليلاً اليوم، إلا أن لديه الوقت الكافي لقطع المسافة الدنيا التي إعتاد عليها، ثم العودة للسكن للإستحمام قبل الإستعداد للذهاب للمختبر، فاليوم آخر يوم عمل لهذا الإسبوع

+++++

"ألا توجد أحجية جديدة لهذا اليوم؟" تتسائل إندرا و هي تضع أمتعتها على منضدة مكتبها

"ليس بعد، فإينزيو لم يأتي حتى الآن" يجيبها يولا

تنظر لسامي، "في حالة كتابته لأحجية جديدة، أرجو أن تحلها بسرعة دون مماطلة قبل أن يقوم ذاك الأمريكي المتعجرف بإستعراض قدراته أمامنا، و تذكر ما حدث بالأمس" تقولها مع الإبتسامه

"لننتظر ونرى ما سيحدث" يجيبها سامي

+++++

"صباح الخير يا غابي" يحييها بغير نبرته المعتادة

"صباح الخير يا ميريك، كيف أحوالك؟" ترد غابي و هي تدرك صعوبة الموقف
يهز ميريك رأسه فتوميء له متفهمة الموقف

"أود أخذ إجازة للفترة القادمة" يدخل للموضوع رأساً

"أووه، بالطبع، بالطبع. لا مشكلة في هذا بتاتا" ترد عليه

"كما أرجو أن تعتذري بالنيابة عني من إليزابيث، فلن أتمكن من تلبية حضور دعوتها للمتدربين الجدد يوم الأحد" يحدثها

"بالتأكيد يا عزيزي" تهز غابي رأسها بالإيجاب

"بالنسبة للعمل وبما يتعلق بمسؤولياتي تجاه المتدربين، فسيقوم بول بتولي الأمور حتى أعاود العمل ..." تقاطعه غابي قبل أن يتم حديثه

"هذا أمر مفروغ منه يا ميريك، فلا تشغل بالك به، عليك الآن أن تهتم ببما هو أهم" ترد

+++++

يوجه بول ويراب حديثه للمتدربين

"سأقدم لكم الآن موجزاً لكيفية التعامل مع العينات المراد قياس محتواها من النظائر المشعة لطيف الغاما، وهي أشد الشعاعات الكهرومغناطيسية نشاطاً

في الأيام الماضية قمتم بالتدرب على أخذ العينات من البيئة، وقد كانت عينات رملية. الآن علينا أن نجهز هذه العينات للفحص المخبري

أولاً، أذكركم بأهمية الحفاظ على سلامة العينات والمحافظة عليها من التلاعب أو تلويثها، وإن حدث ذلك فلا قيمة للعينات بتاتاً. مسؤولية الإبقاء على سلامة العينات تضمن أن محتوى العينة كما يصلنا للمختبر هو نفس المحتوى الفعلي للعينة كما كانت في الطبيعة عندما تم إستخلاصها من قبل المنقبون

العينات تأتي عادة بعبوات أو أكياس بلاستيكية، توضح كل منها زنة العينة ومعلومات عن الموقع الذي أتت منه

الخطوة الأولى هي ضمان تجانس العينة

توضع العينة لعدة دقائق في الخلاط متعدد المحاور، مع ملاحظه وزن العينة دوماً. قد نحتاج مبدئياً إلى تجفيف العينة، أو جزء منها، بإستخدام فرن ذو حرارة منخفضة نوعاً ما، لا تتعدى درجه غليان الماء

لا تستخدموا الحرارة العالية لكي لا يتطاير نظير السيزيوم-١٣٧ المشع، فعنصر السيزيوم من العناصر القلوية ذو درجه غليان منخفضة نوعاً ما

يتم تسجيل وزن العينة قبل وبعد التجفيف

قد تحتوي العينة على قطع كبيرة من الحصي ولذلك يجب تصفيتها بمجموعه من المناخل. في النهاية يجب وزن المحتويات النهائية لمقارنتها مع الوزن الأصلي للعينة

بعد هذا تكون العينة جاهزة للفحص

يستلزم تعبأة الجزء المراد وزنه في عبوات تعرف بعبوات المارينيللي المصنوعة من مواد بلاستيكية ذات أحجام مختلفة تتراوح ما بين ٢٥٠ ميليليتر إلى عبوات بحجم اللتر" يريهم بول عبوة المارينيللي

"يتم وزن العبوات قبل وبعد ملئها وتسجيل كتلة التربة المحتواة داخلها، ثم يتم إغلاق العبوة بإحكام وبإستخدام شريط لاصق حول الغطاء. يتبع ذلك تسجيل بيانات المحتوى على العبوة وفي السجلات. ومرة أخرى، التسجيل المنتظم لكل قياسات الأوزان مهم جداً كما هو الحال في جميع القياسات المخبرية

العينة الآن جاهزة للفحص بكاشف الغاما، وقد تتطلب العينات فترات تتراوح بين ٢٠ دقيقه إن كانت العينة ذات محتوى مركز من النظائر المشعة، إلى عدة ساعات إن كان محتواها الإشعاعي بسيط" يسرد بول بينما يسهو سامي فجأة ويتذكر أنه قرأ في وقت ما مقابلة للسيد الرفاعي، صاحب تسجيلات النظائر، وكيف إبتكر الأسم، فذكر بأنه بحكم دراسته إرتبط بإسم النظائر المشعة، ومن هنا أتى إسم شركته

"حسناً، هذا كل شيء الآن يختتم بول حديثه
يلتفت بول لسامي وإندرا

"بالنسبة لكما، فإن عليكما الخضوع لقياس جسدي كامل لمعرفة نسبة النظائر المشعة في أجسامكم. لقد جهزت الأمور لأن تقوما بهذا القياس يوم الإثنين القادم" يحدثهم

"آه، سيكون هذا ممتعاً" تحدث إندرا سامي وتغمز له مبتسمة، ويرد سامي بإبتسامة مماثلة على حياء

"إن لم يكون لديكم أية أسئلة، سنقضي باقي اليوم بالتمارين على تجهيز العينات، و الأسبوع القادم سنقوم بإجراء القياسات عليها" يتابع بول

+++++

في الفندق لدى عودته

"سيد سامي، أعتقد أن هناك رسالة بريدية لك" يقول له مارتن موظف الإستقبال و هو يناوله مفتاح غرفته بالسكن

"شكرا لك. رسالة بريدية لي؟" يحدثه مستغرباً، من سيبعث إلي برسالة و أنا لم يمضي على وجودي في فيينا سوى بضعة أيام؟ يفكر سامي

يفتح صندوق البريد الخاص به ليخرج مظروفاً صغيراً يحمل أسمه و عنوانه بخط مكتوب، يقلب المظروف ليرى شعاراً مذهباً لدولة الكويت. يتجه للمصعد و يضغط زر الطابق الثالث حيث كان يقيم ثم يفتح المظروف ليخرج بطاقة فاخرة

"بمناسبة الذكرى الرابعة عشر ليوم التحرير والذكرى الرابعة والأربعين لإستقلال دولة الكويت، يطلب فوزي الجاسم سفير دولة الكويت لدى النمسا، شرف حضور السيد سامي عبد الهادي وحرمه لحفل الإستقبال والذي سيقام مساء يوم الخميس الرابع و العشرين من فبراير، و ذلك بفندق الغراند هوتيل" يضحك مع نفسه. فلقد نسي حديثه مع سابين، السكرتيرة بالسفارة قبل عدة أيام ووعدها إياه بأن ترسل له دعوة لحضور حفل أعياد الكويت

ويبتسم لضم الدعوة لكلمة "حرمه" في الدعوة، فقد أخبرته سابين أن بإمكان ضيف المجيء معه للحفل

يفتح باب المصعد فيخرج متجهاً لغرفته. حسناً، علي أن أخبر إندرا بذلك عندما أقابلها لاحقا هذه الليلة، لربما قبلت بمصاحبتي للحفل

+++++

"أأنت متأكد من الطريق؟" تقول له إندرا و هي تحكم ربط الوشاح حول رقبتها إتقاءاً للبرد

"تمام التأكد، لقد مررت بهذا الطريق قبل أيام فقط. يجيبها سامي وهو يشير لها بأنهم سيتجهون يميناً عند وصولهم لمحل عطورات الشانيل، دخولاً بشارع شولتر

"ها هي دار العرض" يشير سامي لسينما آرتيس إنترناشيونال التي مر عليها قبل أيام أثناء تجواله بوسط المدينة

يدخلان السينما حيث كان طابور مزدحم للزبائن أمام شباك التذاكر. في خلفهم على اليسار كشك الرطبات وكعادة دور السينما الأوروبية مدخلاً لحانة للمشروبات الكحولية

كانت دار العرض هذه إحدى دور السينما القلائل في المدينة التي تعرض الأفلام دون دبلجة إلى اللغة الألمانية

يأتيهم الدور، فيتقدم سامي للنافذة "تذكرتان لفيلم راي رجاءاً" يحدث سامي الموظفة



إنتهى الجزء الحادي والثلاثون
ويتبع في الجزء القادم

2 Comments:

Anonymous Anonymous said...

esetch
عندي طلب لو سمحت
هل من الممكن انك تاخذ بعين الاعتبار امكانية انك تكتب بين كل بوست و بوست يتعلق برواياتك بوست خفيف مثل احمد كوجاك و غيره

بصراحة مرات ماكو وقت اقرأ اجزاء الرواية كلها لكن احب البوستات الخفيفة الي تكتبها من وقت للثاني

تحياتي

9:20 AM  
Blogger esetch said...

عزيزتي إن واي شيك

البوستات الخفيفة وايد تعتمد على الظروف والمزاج

ولكن الأهم آنه عندي الكثير من السوالف مشكلتها إنها راح تكشفني خصوصاً إني من القلائل إللي يعرفون عنها

ومع هذا إن شالله ما راح أخيب ظنك، ولكن الظاهر إني إندمجت بالرواية

8:23 AM  

Post a Comment

<< Home