Saturday, November 12, 2005

رواية الدانوب الأحمر – الجزء السابع والعشرون



هذه الرواية خيالية. جميع الشخصيات فيها من وحي خيال الكاتب ولكنها قد تحتوي على شخصيات حقيقية تم إدخالها بالرواية من أجل الحبكة الدرامية



"هل تم حجز فندق جيد لك؟" يأتيه السؤال

"نعم يا عزيزتي، وهو ليس ببعيد عن مكان العمل " يرد عليها

"جيد جدا. إذا لم تتأخر في الذهاب إلى هناك كل صباح، و هذا يعني إنك لن تكون بحاجة للإستيقاظ مبكراًً من النوم كل يوم. ...، وماذا عن الطقس؟" تسأله زوجته

"إنه شديد البرودة، ويبدو لي بأن عاصفة ثلجية آتية الليلة" يرد عليها

"إذاً لقد أحسنت صنعاً عندما أشرت عليك بأخذ ملابسك الثقيلة معك تحسباً لمثل هذا الطقس" تأتيه ضحطتها من الطرف الآخر

"نعم يا عزيزتي، أنت دائماً ما تهتمين لمثل هذه الأمور" وهل كنت سآتي إلى هنا بقمصان التي شيرت شورت البيرميودا مثلاً في هذا الوقت؟ يفكر مع نفسه

"حسناً يا عزيزي، لا بد أن الوقت متأخر عندك، فسأدعك تخلد للراحة. و لا تنس شراء التذكارات و الهدايا كما أوصيناك" تطلب منه

"في أسرع وقت يا عزيزتي، فلدي متسع من الوقت، خاصة وإن مهمتي الأساسية لن تبدأ قبل الإسبوع القادم" يرد عليها

"لا تتأخر في السهر الآن. سأخبر الصغار عن وصولك سالماً حينما يأتون من المدرسة، أنا أفتقدك، ..، مع السلامة" تحدثه

يغلق الهاتف و تبدأ بتأمل غرفته في فندق الكراون بلازا

إنها مريحة فعلاً، كما إنها غير بعيدة عن المجمع الذي يضم الوكالة. إلا أنه يعتقد بأنه سيقضي معظم وقته في وحدة المختبرات الكائنة بعيداً عن المدينة، إلا أنه قد يضطر أيضاً للتواجد في أماكن أخرى حسب ما ستقتضيه مهمته

هو يعلم بأن الأيام القادمة قد تكون غاية في التعقيد ومهمته ليست بالهينة. عدا الأمور المهنية، فعليه أن يكون في غاية الحرص والحذر مع من سيتعامل معهم. الأمر لن يكون سهلاً، و لقد أرسل إلى هنا للتيقن من أمور سيكون لها ردود فعل كبيرة على الساحة العالمية

+++++


"هيا يا سامي، عليك بالمحافظة على إتزانك وأنت تقوم بالدوران" تقول له ضاحكة

إنني أفعل ما إستطعت، يفكر مع نفسه. إن الأمر يحتاج لبعض الوقت كي يعاود مهاراته التي إكتسبها منذ فترة

"أنظر إلى الصغار من حولك يا سامي، أتريد إقناعي إنهم أفضل من رجل بمثل عمرك؟" تقول له وهي تدور حوله بكل خفة

" إنهم فعلاً أفضل مني. ولربما كان هؤلاء الصغار من المتدربين الجدد للدورة الأولمبية الشتوية القادمة يا إندرا" يرد عليها ضاحكاً.

إلا أنه لا يستطيع إنكار شعوره بالمتعة معها في هذا المكان الذي إقترحته عليه. يفكر مع نفسه

منذ عشرة أعوام، بدأت بلدية فيينا بإقامة حلقة للتزلج على الجليد أمام مقر البلدية إبتداء من شهر يناير وحتى شهر مارس. قامت إندرا بإقتراح زيارة هذا المكان الذي يعتبر من الأماكن المحببة للجمهور في مثل هذا الوقت من كل عام. كانت الحلقة مزدحمة بالناس من مختلف الأعمار كباراً و صغاراً، وحتى من ذوي الإحتياجات الخاصة. المكان والجو والحضور كانوا يبعثون على البهجة

يا لحسن حظهم بوجود مثل هذا التوجه لدى بلديتهم، يفكر سامي متذكراً التوجهات لقتل البهجة في الكويت و الضوابط على الإحتفالات

حلقة التزلج يعلوها هيكل معدني ذو أربعة روافد يماثل القبة تتدلى من قمتها مرآة كروية كتلك المرايا التي إشتهرت أيام موجة الديسكو في السبعينيات. الروافد مزودة بأجهزة إضاءة متغيرة الألوان وفي وسط المضمار هناك كشك زجاجي يديره الدي جي الذي كان يشغل المقطوعات الموسيقية الواحدة تلو الأخرى من مقطوعات موسيقى البوب بالإضافة للمقطوعات الكلاسيكيه، هذا بالإضافة إلي قيامه بعمل بعض اللقاءات مع الجمهور والمسابقات السريعة

حول الحلقة كانت مجموعة من الأكشاك التي توفر المأكولات و المشروبات المختلفة للجمهور، والذين كانوا يقفون بمحاذاة الحلقة للتفرج على المتزحلقين.
يبدو أنني ومحاولاتي لمجاراة إندرا في التزلج سأكون مادة دسمة للتندر من قبل أغلبية كبيرة من المتفرجين

بعض المتزحلقين كانوا من كبار السن والأزواج منهم يتجولون بالحلقة ممسكين بأيادي بعضهم البعض. بعض صغار السن من المتزلجين كانوا يعتمدون على زلاجة بشكل طائر البطريق أمامهم ليضمن لهم التوازن و السلامة. يا لجذابيتهم ولطافتهم. إلا أنه كبير على مثل هذه الزلاجات! يفكر سامي مع نفسه


"هيا يا سامي، إن الأمر ليس بصعب" تتحداه إندرا لمجاراتها في التزلج و هي تدور حوله. لقد كانت تجعل الأمر يبدو وكأنه سهلاً فعلاً وهي تتنقل بخفة وكأنها تطفو بالهواء على ساقيها الطويلتين

كان يجب على أن أقضي وقت أكثر في قاعة التزلج أيام صباي. إلا أنني أمتلك بعض الخبرة على الأقل من محاولاتي للتزلج في الحلقة التابعة لمركز روكفلر بلازا أمام تمثال بروميثيوس ، يتذكر سامي أيام دراسته في مدينة نيويورك

"إعطيني بعض الدقائق لأسترد فيها مهارتي، و حينها لن تتمكني من مجارتي" يجيبها بلهجة التحدي

"سنرى ذلك" تجيبه ضاحكة قبل أن تتوقف بشكل فجائي وهي تقابله، "حسناً، سأكون مدربتك الآن. حاول أن تحافظ على سيرك مستقيماً و أنت قادم نحوي" تمد يديها و تشير له بالتقدم نحوها

"ليس هذا بالأمر الصعب" يقول لها و هو يتقدم نحوها بخطوات متثاقلة

"وأستطيع أن أقوم بذلك و أنا أتزلج للخلف معصب العينان ..." لم يكمل جملته، فقد إختل إتزانه وبدأ بالتعثر، سيسقط على وجهه لا محالة

تسرع إندرا نحوه قبل أن يتعثر كليا. تصطدم به بخفة وهي تعينه على إستعادة إتزانه. في تلك اللحظة إلتقت عيناهما وهما يحتضنان بعضهما وجهاً لوجه. على الرغم من برودة هذه الليلة، فقد كانا يشعران بالدفىء في هذه الأثناء وهما وسط الجمهور و المتزحلقين. لم يكن هناك داعي للكلمات و الموسيقى الجميلة تصدح في هذا الجو البهيج

"حسناً يا عزيزي، سأمسك بيدك حتى تقوي على الإعتماد على نفسك" تقول له بلهجة ساخرة و تنطلق ممسكة بيده اليمنى

+++++

شاشة الحاسب الآلي المحمول تضيء وجهه بينما هو مستمر في طباعة الرسالة الإلكترونية

"ها نحن نبدأ" يحدث نفسه، بينما يضغط على زر الإرسال

يرتشف كوبه الثالث من قهوة الإسبريسو منتظراً الرد، بينما كأس الكونياك مازال على حاله لم يرتشف منه شيئاً

المكان مزدحم بعض الشيء والمقهى ليس بإستثناء. حسناً فعلت بقدومي مبكراً واختياري لمكان الجلوس المعزول البعيد عن الأنظار هذا. ولكن عيبه أنه مخصص لغير المدخنين

لقد إرتبط بالشبكة لاسلكياً وهذا ما يضايقه خوفاً من محاولة أحدهم قراءة المراسلات على الرغم من تشفير جميع رسائله

كان بإمكانه العمل من المكتب إلا أنه لا يأمن لخصوصيته هناك أيضاً

آه لو تم هذا الأمر لي، لتحققت أحلامي جميعها، يحدث نفسه. أرجو أن يوافقوا على ما عرضته عليهم. هل طلبت كفاية منهم؟ لقد كنت كريماً بعرضي. يا ترى هل سيستجيبون؟ لابد أن يستجيبوا. فما بحوزتي سيغير مصير أمم

تقطع رنة وصول رسالة إليكترونية حبل أحلامه، وبسرعة يبدأ بقراءة الرسالة

يا إلهي! لا أصدق إنهم يوافقون على طلبي شرط حصولهم على معلومات أولية للتحقق من صدقها وأصالتها. يحدث نفسه

لا بأس في ذلك. سأعطيكم شيئاً لن ينسوه بالمرة

يبدأ بطباعة رسالة أخرى وتحميل بعض الملفات المرافقة كدليل لهم. وينتظر

يطول الإنتظار بعض الشيء وينهمك بمتابعة مواضيع أخرى من الإنترنت بينما يرشف من كأس الكونياك

وبعد طول إنتظار، تصل له رسالة أخرى، فيبدأ بالقراءة

إذاً هذه وسيلة الإتصال بالطرف الآخر، يحدق بالشاشة وتعلو وجهه إبتسامة

وبعد دقائق

حسناً لنر ما سيعرضه الطرف الآخر، ويبدأ في كتابة الرسالة

"العمل مضني والمقابل غير مجدي. علينا اللقاء لبحث عقد جديد بمنافع جديدة. المبلغ المدفوع لا يساوي المخاطرة التي أتحملها

يرجى الرد بسرعة

الأحمر"

يشفر رسالته بعد إمضائها بإسم الأحمر، وهو الأسم المتفق عليه بينه وبينهم

هذه آخر مرة أرسل أطلب منهم زيادة المبلغ. يحدث نفسه، وإلا سوف أندفع بالإتجاه المغاير وخصوصاً مع ردهم الإيجابي

إنتهى الجزء السابع والعشرون
ويتبع في الجزء القادم


2 Comments:

Blogger Anti_Reason said...

Oooooh, the annual Wiener Eistraum – the Viennese Ice Dreams!
The joy, the beauty, the atmosphere of the skating rink in the chill of the night is enough to bring tears to my eyes.
Can’t wait for January :-)
As a token of my appreciation, I have a dedication waiting for you!

1:35 AM  
Blogger esetch said...

AR

First of all Happy Eid to you; it has been along time.

Isn't is wonderful?

Thanks for the dedication 8-))

8:09 AM  

Post a Comment

<< Home