Saturday, November 26, 2005

رواية الدانوب الأحمر – الجزء الثلاثون



هذه الرواية خيالية. جميع الشخصيات فيها من وحي خيال الكاتب ولكنها قد تحتوي على شخصيات حقيقية تم إدخالها بالرواية من أجل الحبكة الدرامية



بعض الناس يغتنمون أول فرصة للتعبير عن أنفسهم وإبراز مهاراتهم الفنية. يفكر مع نفسه و هو يعاين مجسماً جليدياً قائماً أمام صالون التجميل النسائي الواقع قرب سكنه. لقد إغتنمت العاملات بالمحل بطء العمل ذلك اليوم، فقمن بإقامة مجسماً لإمرأة أمام الصالون، وقد زودن مبتكرهن بجدائل ووضعن أدوات التجميل كالمقص والمشط في يديها

على الرغم من أن الثلوج لا زالت تتساقط منذ البارحة، ورغماً من أن حركة المرور كانت حذرة بعض الشيء، إلا أنها لم تشل و لا أثر لحوادث أو سيارات معطلة كما يحدث بالكويت بعد هطول سنتيمترات قليلة من الأمطار

كان سامي في طريقه مشياً إلى محطة قطار أوبردوبلنغ القريبة من مسكنه. الثلوج وبرودة الطقس الشديدة لن تثنيه عن إستغلال الوقت في إستكشاف الجديد من معالم المدينة، خاصة بعد أن علم أن الأسواق تفتح أبوابها لساعة متأخرة أيام الخميس، وهو الآن في طريقه لمرافقة إندرا في إستكشاف أحد مرافق التسوق

يصل إلى المحطة فينزل للناصية لإنتظار القطار الذي سيقدم بعد دقائق. قد أصبح معتاداً على أنمطة سير وسائل النقل العامة ومواعيد وصولها. أخذ يمضي الوقت بالمشي على رصيف الناصية والتمعن بالإعلانات المعلقة التي يغطي معظمها أماكن الترفيه في فيينا كالمتاحف و صالات العرض الفنية والموسيقية

لقد إسترعى ملصق إهتمامه. كان يحمل صورة كبيرة لدب الباندا، إنه إعلان حديقة فيينا للحيوان. أيوجد هناك دب الباندا؟ يتسائل مع نفسه وهو يحاول تذكر عدد هذه الحيوانات النادرة التي يمكن مشاهدتها في حدائق الحيوان حول العالم

يقطع حبل أفكاره صوت مذياع المحطة معلناً عن قرب وصول القطار

+++++

حسناً، لدي الفرصة لتحقيق أكبر مكسب ممكن. يجلس أمام جهاز الكمبيوتر الشخصي في مكانه المعتاد وهو يستجمع أفكاره. كمية الأدلة التي بحوزتي لا تقتصر فقط على ملفات النتائج الرقمية، وإنما أيضاً تضم على أدلة مادية لم أتخلص منها كما وصيت تحسباً لتعرضي لأية مشاكل، أو ترقباً لإمكانية مثل هذه. يا لحظي السعيد

علي الآن أن أجد طريقة لأسلم ما بجعبتي للطرف الذي سيمنحني العرض الأفضل. إن وافق الطرف الأول على مطالبي بعد أن أهددهم بتسليم ما لدي لخصومهم، فسألتزم بعدم كشف ما لدي. و إلا فالطرف الثاني سيكونون شديدي الإهتمام بما لدي من معلومات بدون شك، يقهقه مع نفسه

علي أن أضع خطة محكمة لتسليم الأدلة، إن إحتاج الأمر لذلك ولم يقتنعوا بجدية تهديدي لهم، وبعد أن أحصل على تأكيدات بالحصول على ما أريد، يبتسم مع نفسه

يا إلهي، إن كنت حذقاً في التعامل مع الطرفين، فسأحقق مكاسب مضاعفة مرات عدة عن ما عرض علي مبدئياً من قبل هؤلاء الأوغاد

+++++

"على الرغم من الصغر النسبي للسوق، إلا أنه معروف بأنه من أفضل أماكن التسوق في المدينة" تحدثه إندرا وهما يتجولان في أروقة المجمع

لقد قررا زيارة مجمع الميلينيوم سيتي الواقع على ضفاف الدانوب بالقرب من محطة هاندلسكي للقطار و بمحاذاة ناطحة للسحاب تعرف بالإسم نفسه

المجمع يحتوي على محلات مختلفة لكافة أنواع البضائع، وكانا الآن في طريقهم لمحل من سلسلة محلات ساترن للأجهزة المنزلية

بعد أن تجولا في الطابق الأول للمحل يتجهان للسلم المتحرك لزيارة الطابق العلوي حيث أجهزة الكمبيوتر و التسجيلات المرئية و البصرية

"يا له من محل ممتاز لكل الإحتياجات المنزلية والترفيهية" يقول لها سامي وهو يقارن بين المحل ومحلات الكويت، فمحلات الكويت أغلبها غير جذابة

"حسناً، ما رأيك بعد أن ننتهي من هنا بكوب من القهوة؟ دعني أنا أدعوك هذه المرة، فهناك مقهى ستاربكس بالجوار" تحدثه إندرا

"لا بأس، ولكن ما رأيك بأن تكون القهوة بعد تناول العشاء؟" يحدثها

+++++

"أهذه كل الملفات لهذه الليلة؟" يسألها

"نعم يا دكتور هاوس" تجيبه الممرضة

"حسناً إذاً، قبل أن تنتهي دورية العمل سأقوم بجولة أخيرة في الجناح" يحدثها الدكتور

"عفواً، هناك المريضة في الغرفة رقم ٦٣٠، إن زوجها لا يزال بصحبتها"
يتجهم وجه الدكتور هاوس وهو يتذكر الحالة، فالمريضة في غيبوبتها تقضي ما بقي لها من الزمن القليل على قيد الحياة

"سأمر عليهما قبل أن أغادر. ما هي حالة زوجها؟" يسأل

"إنه لا يكاد أن يفارقها وأحيانا يقضي الوقت في الحديث معها همساً" ترد

"ستفارق الحياة قريباً" يهز رأسه مضيفا، "وفاتها ستريحها من آلامها" يضيف في مخيلته، إلا أني لا أظن أن آلام الزوج ستنتهي بذلك

+++++

"أليس الجو شديد البرودة عليك؟" تسأله

"أبداً يا عزيزتي، فأنا من بيئة دافئة، بل شديدة الحرارة، أغلب أيام السنة، وهذا الجو البارد متعة لدي" يرد سامي

لقد قضيا وقتاً ممتعاً بالتسوق داخل المجمع إختتماه بعشاء في مطعم تايلندي للمأكولات السريعة وهما الآن يستمتعان بالقهوة الدافئة وهما يسيران على ضفاف نهر الدانوب

"قبل يومين وأثناء تجولي بالمدينة كنت أعتقد أن الدانوب يمر بوسط المدينة، إلا أن تلك كانت القناة السفلى للنهر" يقول لها مشيراً لمياه النهر

"نعم، هناك أيضا القنوات العليا للنهر وبعضها يتعرض للتجمد شتاءاً" ترد عليه

"في هذه الحالة يتوجب علي زيارتها و ربما التزلج عليها" يقول لها وهو يتذكر رحلة الأمس معها

"أولاً عليك أن تتقن التزلج في الأماكن الآمنة. فإن حاولت التزلج على سطح النهر المتجمد وتعرض الجليد الرقيق للتفتت فستسقط في المياه المتجمدة. وحينها لم أتمكن من إنقاذك" تقول له بمداعبة، ويضحكان سوياً


إنتهى الجزء الثلاثون
ويتبع في الجزء القادم

0 Comments:

Post a Comment

<< Home