Monday, January 17, 2005

إغتيال (2)

الزمان: شهر ديسمبر – عام 1989
المكان: نادي خاص – وسط لندن

يسلم آرشي معطفه ومظلته المبلله الى الخادم " إنني على موعد مع السيد باريت" محادثاً الخادم.
"نعم إنهم بإنتظارك في الغرفة الهندية .. من على اليمين سيدي"
كان تمثال الفيل الصغير معلقاً بمقبض الباب دلالة بعدم الرغبة بالإزعاج أو دخول غير المدعوين.

يطرق آرشي الباب ويدخل مباشرة دون إنتظار الرد.
يستقبله غريغوري باريت بالإبتسامة ويصافحة ويقول "آه آرشي جميل منك أن تقبل دعوتي لفنجان الشاي ... أنت تعرف آندرو تيبنغ من وزارة الخارجية" يقدمه للمدعو الآخر.
يصافحه آرشي مبتسماً "بالإسم والسمعة فقط".
يضحكون.

بعد خدمة الشاي وخروج الخادم، يعدل غريغ من جلسته ويتوجه نحو آرشي بالقول " آرشي لدينا وضع ونريد مداخلاتك وآرائك".
"طبعاً أي شئ" يرد آرشي.
"إنهم الكويتيون، كيف أقولها، لقد أصبحوا يشكلون بعض المتاعب لنا".
يبتسم آرشي ويفكر في نفسه ... آه فالموضوع يخصهم، لقد كنت محقاً إذاً.

"ما الأمر ؟ ما شأنهم؟" يجيبه آرشي.
"لا يمكن أن ندعهم يستمرون بما يفعلونه... يبدوا لنا في رئاسة الوزراء بأن الأمر أصبح أبعد من كون العملية إستثمار. لقد حدثناهم بالأمر ولكن يبدوا أنهم لا يريدون التعاون وتفهم الموضوع من وجهة نظرنا".

يسترجع آرشي الأحداث الأخيرة في مخيلته من قيام مكتب الإستثمار الكويتي قبل أشهر بشراء حصص كبيرة من الأسهم لشركات بريطانية حكومية.
"وأنتم تعتقدون أن الكويتيون متعمدين؟" يسأله آرشي.

"وهل عندك أي شك؟" يقفز آندرو تيبنغ للمناقشة بشئ من التوتر. " لقد كنت مندهشاً بل مستغرباً لرد الحكومة الكويتية لطلبنا من خفض نسبة إمتلاكهم للأسهم في الشركات".
"وكيف إستغرابك؟"يسأله آرشي.

"لقد ألقت الخارجية الكويتية المسألة الكرة بملعب مكتب الإستثمار بلندن، والمكتب أرجع الأمر لوزارة المالية لديهم وكأنهم متفقون على تمييع الموضوع لرغبتهم في أن ننسى الأمر برمتة أو كأنهم متعمدين إزعاجنا، ناسين أن الأمر مسألة عبارة عن حياة وموت وبقاء سياسي لرئاسة الوزراء".

"لعلهم لا يعرفون ما يتوجب عليهم فعله بالضبط، هل جربتم خَيار أنهم لم يتوقعوا أن يضعوا أنفسم في هذا المأزق؟" آرشي مدافعاً.
"بحق السماء آرشي، .... مَنْ الكويتيون؟ إنني متأكد من أنهم متعمدين، لكنهم لن يتمتعوا طويلاً".
"حسناً ما الأمر... إنكم لا تقولون كل الحكاية... هيا يا غريغ هات ما عندك".

يوجه غريغ نفسه نحو آرشي ويقول " آرشي وجودك معنا اليوم ومداخلاتك لها أهية كبرى خصوصاً وأنك كنت أحد أعمدة الخارجية للشرق الأوسط وعلى الأخص دول الخليج العربية ومنها الكويت" أسترسل غريغ وأكمل" رئاسة الوزراء لديها خطة بعرض جميع حصص الدولة للجمهور للإكتتاب العام، رويداً رويدا، من ضمنها الخطوط الجوية البريطانية والبرتش بتروليوم. وكما تعلم تملك حكومة الكويت حصة الأسد بعد الحكومة في هاتين الشركتين. في حال تحويل ملكيتهما للملكية الخاصة، ستكوم الحكومة الكويتية صاحبة اليد العليا فيهما وهذا ما لا تريده رئاسة الوزراء ولا أحد من البريطانيين. أوضحنا الأمر للكويتيين ولكن الواقع كما شرحه آندي لك".
" رئاسة الوزراء مستاءة جدا من الأمر وخصوصا من الرد الكويتي الغير مفهوم لنا.....ولكن لا عليك سيأتيهم ما يستحقون". أكمل آندرو.
"وكيف ذلك؟" يسأله آرشي.

" رئاسة الوزراء تعمل على وضع قانون للحد من إمتلاك الحكومات الأجنبية من نسبة عالية من الحصص في الشركات البريطانية، وبالتالي سيضطر الكويتيون لبيع الفائض لديهم وبخسارة" يشرح غريغ بإبتسامة "سؤالي لك آرشي، هل تعتقد أن الكويتيين بإمكانهم صد المشروع وعرقلته بمجلس العموم؟ نحن نعلم أن المحافضون لهم الأغلبية البرلمانية ولكن لا نريد أن ندع الصدفة أن تلعب دوراً أو تظهر لنا المفاجآت".

يأخذ آرشي نفساً طويلاً ويطلق زفيراً حاداً "إسمع، الكويتيون لطالما كانوا تجاراً بارعين، يصطادون الفرص بل ويبحثون عنها، ولكن عجزهم يظهر في معرفتهم للأوضاع بالشكل الكامل، ما أعنيه هو أنهم يأتون إلينا ويستثمرون أموالاً طائلة دون حماية سياسية لأموالهم. ,هذا ما أطلق عليه قصر النظر الغبي". يتوقف قليلاً ثم يكمل " لا لن يستطيع الكويتيون إعتراض القانون الجديد، ليس لديهم لوبي قوي يحمي مصالحهم".

يتنفس غريغ وآندرو الصعداء.

"وهذا هو طريق سقوطهم" يصرح آندرو.
"ماذا تعني؟" يلتفت إليه آرشي قائلاً.

"آه آرشي كان ينبغي عليك المكوث فترة أطول في الخارجية" ويكمل غريغ "الكويتيون جلبوه لأنفسهم".
"حقيقة ... ماذا يجري معكم؟" يقول آرشي.

"عزيزي آرشي، الكويتيون لن يتوقعوا ما يتم التحضير لهم، لقد قلنا لك، رئاسة الوزراء غاضبة جداً ومستاءة من الرد الكويتي لدرجة الغليان، وما القانون إلاّ البداية" يبتسم غريغ.

ويستمر النقاش حتى وقت متأخر من الليل. يخرج آرشي من اللقاء ومن النادي. المطر مازال مستمراً. يتمشى آرشي متجهاً نحو منزله ومحدثاً نفسه "يا إلهي ليكن الله في عونهم".


إنتهى الجزء الثاني
ويتبع في الجزء القادم

4 Comments:

Blogger nanonano said...

مدونتك لها طابع غريب..بس مشوق

9:33 AM  
Blogger esetch said...

nano
شكرا على الزيارة، بس ما عرفت وين الغرابه. إذا كان قصدك الأحداث، يبيلك تقرينها من الأول - أنه قاعد أكتبها على دفعات.

لا تقاطعين

10:42 AM  
Blogger nanonano said...

لا تخاف ما راح أقاطع...الغرابه أني ماني قادره أفرزن اللي قاعد تكتبه صج ولاّ خيال..و على فكره بديت مدونتك من البدايه ;-)

10:51 AM  
Blogger esetch said...

nano
هذي كل الفكرة. أترك الخيال والقرار للزوار

11:35 AM  

Post a Comment

<< Home