رواية الدانوب الأحمر – الجزء السادس عشر
هذه الرواية خيالية. جميع الشخصيات فيها من وحي خيال الكاتب ولكنها قد تحتوي على شخصيات حقيقية تم إدخالها بالرواية من أجل الحبكة الدرامية
"مرحباً روبي" يحييها سامي وهي تقترب منهما
"صباح الخير، هللا أحدثكما في مكتبي لبعض الوقت" تحدثهما روبي
وفي مكتبها، تحدثهما عن طبيعة عملهم في الوكالة خلال فترة التدريب والأعمال المطلوبة منهم، بالإضافة لما يتمتعون به من تأمين صحي. تسلمهم مفاتيح للخزائن المخصصة لهم والتي يمكنهم إستخدامها لأمتعتهم التي لا يودون إحضارها يومياً للمختبرات، علاوة على أمتعة السلامة وملابس المختبرات
تحدثهم عن فيينا وأساليب التنقل حولها، كما تخبرهم عن المعالم التي قد يودون مشاهدتها
"لا تفوتوا الفرصة للسياحة والإستمتاع بفيينا، والنمسا بشكل عام بلد جميل. ستقضون أوقاتاً جميلة في العطل القادمة" تسهب بالحديث
تسلمهم خرائط لفيينا وأوراقاً تحوي عناوين وأرقام هواتف مهمة. تنظر لسامي وتخبره عن وجود غرفة خاصة للعبادات،
"هذه الغرفة مخصصة كمصلى للمسلمين، يمكنك أخذ المفتاح إن ومتى شئت من كارين، موظفة الإستقبال، فالوكالة الدولية للطاقة الذرية كإحدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة تهتم بالعنصر الروحاني للعاملين بها " تحدثه مبتسمة، "هناك بالطبع العيادة الطبية، أنصحكم بفتح ملف طبي في أقرب فرصة" تكمل روبي، وقد لصقت الفكرة في رأس سامي
يسمعون طرقاً على الباب، يدخل البدين سوميرييه ويسلم روبي مغلفين صغيرين ويخرج دون أن يتكلم
تنظر روبي للمغلفين قبل أن تسلمهما إياها
"أثناء فترة تواجدكما هنا سيكون لكل منكما بريده الإليكتروني الخاص به. الرجاء الإطلاع على العنوان البريدي الخاص بكل منكما داخل المظروف وكلمة السر المرادفة للعنوان" تحدثهما
يفتح سامي المغلف ويقرأ العنوان البريدي الخاص به
sh2005@visitors.iaea.org
+++++
يندفع سامي بعد الإستئذان من إندرا للتوجه نحو المختبر. فلم يجد الحل بعد. يأخذ القلم ويتجه نحو اللوحة ويكتب الحل لأحجية إنزيو
"ماذا تفعل" تسأله إندرا بعد أن لحقت به
"السيد إنزيو بارلوتشي معتاد على وضع أحجية على اللوحة ليحلها الآخرين. وما كتبته هو حل هذه الأحجية" يرد سامي
تقرأ إندرا الأحجية وتمر لحظات حيث تستوعب الأحجية والحل
" وجودي دائما في النقاش
أنا لا يمكن أن أُرى، لا يمكن أُمَسّ
رغم بإنّني يمكن أن أوجد في كلّ الأشخاص
إلا أنني لا أُحَسّ
بالرغم في الموسيقى لدي أسلوبي الخاص
فما أنا؟
حلك مثالي. فعلاً الروح هو الجواب الأمثل. ولكن لم أفهم الأسلوب الموسيقي الخاص. ماذا يعني بذلك؟" تحدثه
"هناك نوع من الموسيقى يسمى موسيقى الروح، سوول ميوزك. هل أنت على معرفة به؟" يسألها
"لا" ترد عليه
"سأسمعك بعضاً منها ونحن في طريق العودة اليوم" يوعدها سامي
يعودان لغرفتهما، فيجدان سيدة متوسطة العمر بانتظارهما
"صباح الخير. أنا إليزابث زايلر" تحييهما
"أنا المسؤولة عن أساليب ضبط الجودة في الطرق المخبرية والحقلية. سأقدم لكم بعض المحاضرات عن الأساليب المتبعة من قبل الوكالة لضمان دقة التنقيب عن العينات الحقلية وإعدادها للفحص المعملي. لننتظر بقية الزملاء وتجمعهم ثم ننطلق للحقل" تحدثهم
يتجمع الزملاء في البيت الأخضر خارج المعامل
يتقدم نزار دعدوش من سامي ، "أنظر يا سامي إلى مصطفى شلبي. إنه يأكل الجزر الصغير وقد خبأه في جيبه" يقولها ضاحكاً
"مصطفي" يناديه سامي، "ما الحال معك وهذا الجزر؟" يسأله
"يا رجل، الجزر مفيد للصحة وخصوصاً النظر" يرد مصطفى
"ولكن يبدو بأن الجزر لم يفده. هللا نظرت يا نزار إلى سماكة نظارته" يضحكون
"حسناً، ليتجمع الجميع حولي" تحدثهم إليزابيث
تقدم إليزابيث الأداة الأولى لهم لأخذ العينات الطبقية، وهي عينات تؤخذ من نفس النقطة المراد فحصها ولكن على عدة طبقات يبلغ سماكة كل منها ٥ سنتيمترات، وتبدأ إليزابيث بالشرح
"الأداة من الحديد الصلب طولها حوالي خمسون سنتيمتر. مقطعها مربع ينقصه ضلعٌ رابع، وعرض كل ضلع عشرة سنتيمترات. قاع الأداة حاد تمهيداً لغرسها في الأرض، وقمتها مصممة لتركيب جزء اسطواني مهيأ لكي تضربه المطارق لدفع الأداة في الأرض
في الواجهة الطولية للأداة، وحيث يختفي السطح الرابع للمقطع المربع توجد نتوآت لكل خمس سنتيمترات مهيأة لتركيب جزئية تمهد إدخال الشبل الجارف الخاص بالأداة لأخذ قطعه نصف مكعبه من الرمل ذات مقاييس تساوي عشرة في عشرة في خمسة سنتيمترات" تشرح إليزابيث طريقه أخذ العينات" ينظرون بتمعن نحو الأدوات وتكمل هي بالشرح
"توضع الأداة عمودياً على الأرض، حيث الطرف المنتهي بالحواف الحادة يكون مواجهها للأرض، أما الطرف العلوي فتركب عليه الجزئية الأسطوانية. باستخدام مطرقة ضخمه ذات رأس بلاستيكي تبدأ بضرب الجزء الإسطواني بخفة في البداية لدفع الأداة داخل الرمل، وعندما تثبت جيداً ممكن الضرب بقوه لدفع الأداة كلياً حتى تصل النتوء الأول من قمة الأداة إلى مستوى سطح الرمل
عندئذ نبدأ بالحفر باستخدام شبلٍ كبير أمام الأداة وبحرص للتأكد من تناسق المكونات الرملية المحفوظة في الجوف. تأتي بعد ذلك عمليه أخذ العينات الفعلية، وتتم بتركيب جزئيه تمهيد إدخال الجاروف في كلٍ من النتوآت الخاصة بها، واستخدام الجاروف الخاص لقطع كميه من الرمل بالحجم المذكور سابقا (عشرة في عشرة في خمسة سنتيمترات). يتم وضع العينة المأخوذة فوراً في علبة حاوية بلاستيكية تغلق فوراً ويتم كتابه المعلومات المتعلقة بالمكان والعمق على الحاوية قبل إغلاقها بإحكام. يتم وزن العينة بميزان زنبركي اليكتروني خاص بالعمل الحقلي ويسجل هذا الوزن على الحاوية
تسجل جميع المعلومات في دفتر التدوين وبعدها يتم أخذ العينة الطبقية التالية من مستوى أدنى بنفس الطريقة. في النهاية تسجل البيانات المتعلقة بالموقع حسب جهاز تحديد الاحداثيات الجي بي أس ، وتؤخذ صور للمكان وأي ملاحظات أخري ضرورية ذات علاقة" تشرح إليزابيث بتأن
تشرح لهم إليزابيث إن هناك أداة أخرى شبيهة، إلا أنها مصممة لجرف طبقة سطحية ذات مساحة أكبر ولا يزيد عمقها عن خمسة سنتيمترات على الأكثر، وتستخدم لأخذ عينات من التربة ذات المستوى العالي من المحتوى الدبالي، أي المناطق الغنية بالنباتات، واستخدامها في المناطق الصحراوية غير وارد
أخيرا، تقدم لهم إليزابيث أداه أخذ العينات الرملية المحورية، وهي عينات أسطوانية الشكل مقطعها حوالي ثمانية سنتيمترات وطولها قد يبلغ ثلاثون سنتيمتراً أو أكثر. الهدف من هذه العينات هو أخذ مقطع طولي للتربة يحفظ التطور التاريخي للتربة في تلك المنطقة
"أداة أخذ العينة بسيطة للغاية، وتتكون من أسطوانة جوفاء طولها حوالي أربعون سنتيمترا وقطرها الداخلي ثمانية سنتيمترات. الطرف السفلي للأسطوانة ذو حواف حادة أيضاً لتسهيل عمليه الغرس في التربة. الطرف العلوي مصمم ليتكيف مع القطعة الأسطوانية المخصصة لاستقبال طرقات المطرقة أثناء الغرس. قريبا من الطرف العلوي توجد فتحتين يدخل منهما قضيب حديدي لإنتزاع الأداة المغروسة في التربة محملة بالعينة الترابية أسطوانية الشكل
توضع الأداة على سطح التربة بشكل عمودي وتستخدم المطرقة لغرسها كما هو الحال بالنسبة للأداة المستخدمة لغرس أداة أخذ العينات الطبقية. عند الإنتهاء من غرس الأداة للعمق المطلوب وهو حوالي الثلاثون سنتيمتراً، يرفع الجزء الأسطواني العلوي ويدخل القضيب الحديدي بين الفتحتين في الأعلى، وبالإمساك بشده بطرفي القضيب وبحركة دورانية بسيطة يتم انتشال الأداة من الأرض وبجوفها التربة المراد جمعها. قد يكون إنتزاع الأداة صعبا نتيجة لقساوة التربة في المكان المراد فحصه، وفي هذه الحالة يلزم الإستعانة بشخص آخر كل يمسك بطرف القضيب
لإستخراج العينة تنظف الأداة من الخارج بعناية ويمكن الاستعانة بمحارم مبلله لإزالة التربة العالقة، ثم تدخل الأداة بأكملها في أنبوب بلاستيكي مفتوح من الناحيتين، إلا أن طرفه السفلي يكون مغلقاً وملفوفاً بغلاف نايلوني، ومن الناحية الأخرى من الأداة يتم إدخال أسطوانة بلاستيكية قطرها مماثل لقطر الأداة الداخلي، وبعناية شديدة يتم دفع المحتويات الترابية إلى داخل الأنبوب البلاستيكي. عند الإنتهاء يغلق الطرف العلوي بإحكام ويغلف بالنايلون، توزن العينة ويتم تدوين بيانات العينة عليها وفي السجل، ويتحتم أيضاً تعليم الجزء العلوي من العينة" تشرح لهم
"إن الأداة الأسطوانية لن تنفع في المناطق الصحراوية ذات الطبيعة الرملية السائبة" يحدثها سامي
"هذا صحيح. ستتساقط العينة الترابية من داخل الأسطوانة فور إنتشالها من الأرض. فحبيبات الرمل غير متماسكة" ترد عليه
"فما العمل إذا؟" يسألها سامي
"الحرص في إختيار الموقع قدر الإمكان بحيث تكون التربة متماسكة، هذا هو الحل الوحيد حالياً" ترد علية إليزابيث
"وفي كل الحالات، يجب غسل الأدوات قبل إستخدامها لأخذ عينات أخرى بعناية، ولهذا يجب أخذ مياه نظيفة أو مياه مخلوطة بكحول الإيثانول أثناء العمل الحقلي في جمع العينات" تحذرهم بابتسامة
"والآن لنشكل فريقين من عدة أشخاص. خذوا حذركم، يجب أن يكون من ضمن الفريق المشكل، أحد ما لا يعمل بيديه مع الفريق بتاتاً وذلك تكون مهمته أخذ الملاحظات والقراءات واستخدام عداد الجايجر. بمعني هذا الشخص سيكون بمنأى عن التلوث وتعريض يديه للتربة والملوثات" تنهي إليزابيث حديثها
"هيا، هيا إلى العمل" تحدثهم إليزابيث
إنتهى الجزء السادس عشر
ويتبع في الجزء القادم