رواية الدانوب الأحمر – الجزء الخامس عشر
هذه الرواية خيالية. جميع الشخصيات فيها من وحي خيال الكاتب ولكنها قد تحتوي على شخصيات حقيقية تم إدخالها بالرواية من أجل الحبكة الدرامية
جرس أحد الكنائس القريبة يقرع - إنها تمام الساعة السابعة صباحاً، ويا له من نهار شديد البرودة! الشمس ستشرق بعد حوالي ربع ساعة، وسامي يقف في الملتقى الخاص بالباص بصحبة الرجلين اللذان نزلا معه ليلة الأمس
سرعان ما يأتي الباص في الزمن المحدد. عدد الركاب قليل الآن، يختار سامي بعناية مقعداً له على الناحية اليمنى وراء المدخل الأوسط للباص ويضع حقيبته والكيس الذي كان يحمله بعناية علي المقعد المجاور. إنه يراهن على موقف كان يدور بخلده منذ الأمس
في السابعة والنصف يتوقف الباص عند محطة فورجارتنشتراسه، حيث العدد الأكبر من الموظفين ينتظر لركوب الباص. من النافذة يلمحها سامي، يبدو أنها ستكون ضمن آخر ممن سيدخلون الباص. يتأهب لها وحالما تدخل يومئ لها مبتسما إلى المقعد المجاور له وهو يأخذ حقيبته والكيس الورقي لتجلس بجواره، يبتسم له وتقبل العرض
"صباح الخير" يبدأ سامي الحديث معها
"إني آسف بخصوص البارحة، فلقد كان جلياً إنك متعبة ولم يكن علي أن أضايقك بأسئلتي" يحدثها وهي تنظر إليه بدهشة، فهو يعتذر لها عن تصرفها الجاف تجاهه ليلة الأمس
تبتسم له وتحاول أن تبدأ حديثها معه لتعتذر منه، إلا أنه يباغتها بتقديم وفتح الكيس الورقي الذي كان معه
"ما رأيك ببعض القهوة؟" يخرج سامي كيساً حرارياً من الكيس الورقي
"أرجو أن لا تكون قد بردت كثيراً، إلا أنها طيبة جداً" يتطاير شذى رائحة القهوة من الكوب
تضحك بمرح وتأخذ الكوب منه. يخرج سامي الكوب الخاص به من الكيس مع بعض أكياس السكر وعبوات الحليب ويقدما لها. ما أن تأخذ رشفة من القهوة حتى يخرج لها من الكيس لفافة
"ما رأيك ببعض المعجنات السكرية - الداينش ، إنه ليس إفطاراً كاملاً إلا أنها دافئة وشهية جداً" يحدثها
تضحك وهي تتناول القطعة التي قدمها إليها، "لم أكن أتوقع شيئا كهذا في الطريق للعمل" تقول له إندرا بابتسامة عذبة
"ما رأيك أن يكون هذا جدولنا من الآن وصاعداً ؟" يسألها
"ولكن سيكون الأمر مكلفاً ومتعباً لك" ترد عليه
"لا، ليس بشيء من هذا القبيل. سيكون من دواعي سروري" يرد عليها، حيث يبدو أن أولى خطوات مراهنته على كسب ودها قد نجحت
+++++
وبينما يسير الباص باتجاه مقر العمل، "كم أود بتدخين سيجارة" تطلق رغبتها
"ولكن هذا غير مسموح به في المركبات العمومية هنا" يرد عليها
"نعم أعلم ذلك. كذلك الحال في بلدي" تقول له مبتسمة. يبتسم لها بالمقابل
مركزاً ناظريه على شفتيها ورصة أسنانها البيضاء ، أيعقل أن تكون مثل هذه الأسنان المثالية لمدخنه؟ يسأل سامي نفسه
"بالمناسبة، أعتقد أنك كنت مسجلة للذهاب للمختبرات على متن الحافلة بالأمس" يحدثها سامي
"هذا صيح، ولكن نظراً لتأخر طائرتي بالوصول لفيينا فقد فاتتني الحافلة. ولكن لحسن الحظ فإن السيد ماركوف، المسؤول عن مختبرات الكيمياء البيئية كان متواجداً لدى السيدة آن تايلر بمكاتب الأونو سيتي وعرض علي أن يقلني معه، حيث أنه كان يستخدم سيارته الخاصة" تشرح له
ماركوف الروسي الجنسية، يفكر سامي متذكراً أن بلد إندرا، لاتفيا، كانت جزءاً من الإتحاد السوفيتي السابق
+++++
يصل الباص للمعامل الساعة الثامنة والنصف، وبعد أن يقوم الجميع بالمرور أولاً عبر بوابة الأمن ثم الركوب مرة أخري للوصول لمبنى المعامل، حيث يقوم الجميع بتسجيل الدخول
ينتظر سامي أن تسجل إندرا حضورها قبل أن يقوم بالمثل، ثم يتجهان إلى لوحة الكافيتيريا حيِث تعلق قائمة الغداء لهذا اليوم
"مارأيك؟، آعتقد أني سأطلب الطبق الأول المحتوي على اللحم" تحدثه إندرا
"سأطلب الوجبة الثانية الخالية من اللحوم" يرد عليها
"إنه طبق نباتي!!!" تحدثه باستغراب
"بالضبط، فأنا نباتي" يرد عليها
"حقا؟" تستغرب إندرا من رده
"أهذا الشيء لأسباب تتعلق بمعتقداتك الدينية؟" تسأله
"لا، إني فقط أفضل البساطة في العيش، إلا إنني لست بناسك" تتبادل معه الإبتسامة
يدخلان مكتب المتدربين ويضعان أمتعتهما على الطاولات التي خصصت لهم. تحتفظ إندرا بمعطفها
"كم أود تصفح الإنترنت وقراءة بريدي الإلكتروني، إلا أنني أود التدخين أولاً، لذا سأخرج للخارج كما تنص التعليمات" تحدثه إندرا
"إني أحتاج لإجراء مكالمة تليفونية" يجيبها سامي، "سأستخدم هاتفي النقال، هل تمانعين أن أرافقكي؟" يسألها
تهز رأسها مبتسمة بالموافقة
في الخارج تشعل إندرا سيجارة بينما يخرج سامي هاتفه النقال الذي وضع عليه بطاقة الإتصال المحلية. سيخصص هذا التليفون للمكالمات المحلية، أما جهازه الأصلي فلإستقبال الرسائل والمكالمات المهمة
يضغط الأرقام من البطاقة التي أخرجها من محفظته،رقم المنطقة ١ ثم ٤٠٥٥٦٤٦
"بوتسشافت فون كوو وييت. سابين إشبرخن. في كان إش إهينن هيلفن؟ سفارة دولة الكويت، سابين تتكلم، كيف لي أن أخدمك؟" يأتي الصوت من على الطرف الآخر
"مرحباً" يحيي سامي السيدة المتحدثة معه
"آه أنا آسفة" تعتذر منه وتبدأ بالحديث بإستخدام العربية
"أنا إسمي سامي عبدالهادي، مواطن كويتي في رحلة علمية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية" يقدم سامي نفسه لها
"آه السيد سامي، إن إسمك أمامي. فنحن بالسفارة قد بلغنا بقدومك. هللا أعطيتني عنوانك المحلي ومعلومات عن كيفية الإتصال بك" تحدثه السيدة سابين بلهجة لبنانية
يجيبها بالتفصيل
"هل يوجد بفيينا كويتيين؟" يسألها سامي
"عدا أفراد الطاقم الدبلوماسي والعاملين بمنظمه الأوبك ومنظمات الأمم المتحدة والذين يبلغ عددهم حوالي خمسة عشر شخصاً، فإن فيينا تخلو من الكويتيين، خصوصا في هذا الوقت
هناك على أي حال الدكتور مصطفى، وهو أخصائي بالأشعة الطبية، إنه مقيم ويعمل بفيينا منذ سنوات" ، تصمت قليلاً ثم تضيف ضاحكة، "وهناك أيضاً السيد إيه آر!" تكمل
"من؟" يسألها
تخبر بإسمه "إنه كثير التجوال ولكني أعتقد إنك ستتعرف عليه، ربما في حفل العيد الوطني. ...، آه فعلاً، سأعمل على إرسال دعوة لك لحضور الحفل السنوي" تحدثه سابين وهي لا تزال تضحك
"أووه، حفل خاص بالعيدين الوطني وعيد التحرير، إنهما قادمان بعد أسابيع قليلة. ينظر لإندرا وهي تنهي سيجارتها
"هل يمكنني اصطحاب ضيف معي للحفل؟" يسأل سامي سابـين
إنتهى الجزء الخامس عشر
ويتبع في الجزء القادم
4 Comments:
صج كويتى
الحبيب مسافر و باله تضبيط
forza
التضبيط طبع كل ريال مو بس الكويتيين
بس يمكن يبي منها شي ثاني
روايتك متجانسة مع المشكلة الحاليه بين ايران والوكالة الدولية للطاقة الذريه
السيد ايه آر هل هو المقصود بالشخصيات الحقيقية التي تم ادخالها بالرواية ؟
أجنحة
السيد أيه آر شخصية حقيقية وكذلك السيد الدكتور مصطفى الذي يقيم ويعمل في فيينا منذ أمد بعيد
وكما أذكر مع جزء
الرواية خيالية. جميع الشخصيات فيها من وحي خيال الكاتب ولكنها قد تحتوي على شخصيات حقيقية تم إدخالها بالرواية من أجل الحبكة الدرامية
وشكراً لإهتمامك بالتفاصيل
8-)
Post a Comment
<< Home