Tuesday, December 13, 2005

رواية الدانوب الأحمر – الجزء الثالث والثلاثون



هذه الرواية خيالية. جميع الشخصيات فيها من وحي خيال الكاتب ولكنها قد تحتوي على شخصيات حقيقية تم إدخالها بالرواية من أجل الحبكة الدرامية



"ما الذي أستطيع تقديمه لك اليوم؟" بدت في صوته نبرة الضيق، فقد كان هذا اليوم الذي يقضيه مع إبنه كلاوس

"هذا الأحمق، أريد معرفة كل شيء عن حياته. ماذا يفعل و أين يذهب ومع من يقضي أوقاته" يسأله أناتولي

"أتعني الأحمر؟" يأتيه السؤال مستفسراً

"نعم، أعني الأحمر" يفكر ثم يرد سريعا، "والأزرق كذلك. كل شيء وأنا أعني ذلك" يرد

"سيكون العمل متعباً، ولكن لك ماتريد يا أناتولي. ...، متى تريد ذلك؟" يرد عليه

"بالأمس، إذا فهمت قصدي" يرد عليه

+++++

يترجلان من القطار و سامي ينظر لساعته

"علينا الإسراع يا إندرا إن أردنا الإستمتاع بالمنظر وقت غروب الشمس" يتركان محطة براتيرشتيرن، ويحاولان تفادي أعمال الحفر حول الموقع وينتظران مرور الترام

"على الأقل أننا لن نضيع، فالهدف واضح أمامنا وكل ما علينا هو الوصول إليه. هناك نفق هناك يا عزيزتي أعتقد أنه يؤدي الموقع" يحدثها سامي

يعبران النفق وسرعان ما كانا على الطريق إلى هدفهم حيث يصادفان مبنى أحمر دائري تعدياه ليصلا لمدخل المبنى. يتقدم سامي لنافذة التذاكر ويطلب شراء تذكرتين

"خمسة عشر يورو رجاءاً يا سيدي" تقول له الموظفة من خلف النافذة الزجاجية

"بالتأكيد" يقدم لها سامي المبلغ وهو يناول إندرا مطوية باللغة الإنجليزية تناولها من أمام الشباك

يتجهان نحو اليمين حيث بوابة الدخول الإلكترونية، يعطي سامي إندرا تذكرتها فتمررها تحت كاشف ضوئي، فتفتح لها البوابة وتدخل غرفة شبه مظلمة ويتبعها سامي

الغرفة كانت عبارة عن معرض صغير دائري الشكل يحتوي على أكشاك عرض. توجه إندرا حديثها له و هي تقرأ محتويات المطوية

"إن هذا مدهش، فهذه الأكشاك عبارة عن عربات الدولاب الثلاثون الأصلية" تحدثه

تم تشييد دولاب فيينا، الفيرس ويل، أواخر القرن التاسع عشر وبالتحديد عام 1897، ضمن إحتفالات النمسا باليوبيل الذهبي لتولي القيصر فرانز جوزيف مقاليد الحكم من قبل المصمم الإنجليزي والتر باسيت. وقد كان يعد الدولاب من روائع زمانه وعلماً بارزاً في زمانه. وقد تعرض الدولاب للكثير من الأضرار إبان الحرب العالمية الثانية . و بعد الحرب تم ترميم الدولاب و أستبدلت العربات القديمة بأخرى حديثة عددها 15 و ذات سعة أكبر

سقف القاعة كان مغطى برسومات تصور شخصيات و أحداث من تاريخ فيينا، أما الأكشاك فقد كانت تحتوي على مجسمات توضح الحياة في فيينا منذ القدم، ومراحل تطور منطقة الرايزنراد الترفيهية حيث أنشيء الدولاب

"الإسم الروماني الذي أشتق منه إسم فيينا وكذلك الدانوب هو فيندونوبا، و كانت مقر لحصن أنشأه الرومان لحماية الإمبراطورية من القبائل الجرمانية البربرية من ناحية الشمال" تحدثه إندرا وهي تقرأ من كتب الزيارة

وبينما كانوا يتطلعون للمعروضات بدأت القاعة بالدوران وفتحت كوة بالسقف لتبدو من فوقهم العجلة الضخمة

"علينا الإسراع يا عزيزتي، نحن في سباق مع الشمس" يحدثها سامي، آملاً أن تكون حساباته دقيقة

"حسناً" ترد عليه وهما يتجهان حيث البوابة للمخرج من القاعة، إلا أنه قبلها إستوقفتهم فتاة مبتسمة

"ما رأيكم بصورة تذكارية؟" تسألهم

"بالتأكيد، لم لا. ما تقولين يا إندرا؟" يرد سامي وينظر بإتجاه إندرا

"لا مانع لدي، شريطة أن تجمعنا الصورة معاً، ترد علية ضاحكة" ترد ضاحكة

تشير لهما الفتاة بأن يستندا على ما يشبه النافذة وتعطيهما تعليمات قبل أن تأخذ لهما عدة صور. يمسك سامي بيد إندرا ويضع يده الأخرى على مقدمة النافذة

"حسناً، سأريكم الصور التي إلتقطتها لكما لتختارا ماتفضلانه منها" تشير إليهما بالتوجه لشاشة الكمبيوتر الذي بدأ بعرض الصور الملتقطة. يتشاور الإثنان قبل أن يشيرا للصورة التي إختاراها

"أود شراء نسختين من الصور رجاءاً" يطلب سامي

"بالتأكيد يا سيدي، ستكونان جاهزتان وأنتما في طريقكما للخروج بعد نزولكما، بعد أن تمرا على معرض التذكارات" ترد عليه الموظفة وتسلم له وصلا

يخرجان من الباب ويمرران بطاقتيهما مرة أخرى على بوابة إلكترونية ليدخلا إلى عتبة الإنتظار. يشير لهما الموظف المسؤول بالإنتظار لوصول العربة التي وصلت سريعاً، ولحسن حظهما كانا الراكبين الوحيدين بها

بعد إغلاق الباب بدأ الدولاب بالحركة قبل التوقف في المرحلة الأولى من المراحل الثمانية التي يقوم بها قبل أن تعود العربة للأرض. يتفحصان جدران العربة الخشبية المغطاة بتواقيع من مختلف اللغات خطها بعض زوار الدولاب الذي يبلغ عددهم نحو ثلاثة أرباع المليون سنوياً تقريباً، ومن ضمنها اللغة العربية

يهز سامي رأسه بشيء من الضيق من الكتابات الحائطية، فمثل هذه الأعمال تعد تخريباً للمعلم

"بالمناسبة، ما الذي قصدته بأننا سنزور أحد المعالم السينمائية الشهيرة؟" تسأله إندرا

يلتفت إليها، "أسبق لك مشاهدة فيلم الرجل الثالث للمخرج البريطاني كارول رييد؟" يسألها

"كلا، سمعت عنه و لكني لم أشاهده" ترد

"إنه أحد روائع السينما ياعزيزتي، لربما كان من أروع الأفلام التي أنتجتها السينما البريطانية على الإطلاق، وبالتأكيد هو أشهر فيلم تم تصويره بفيينا على الإطلاق رغم أنه تم ذلك بعد سنوات قليلة من نهاية الحرب" يحدثها سامي

"البطل، أو بالأحرى ند-البطل أو ما يسمى البطل المضاد،كشخصية ماكبيث مثلاً ، أدى دوره الممثل والمخرج الأمريكي الشهير أورسون ويلز

ومن مميزات الفيلمن أن الشخصية تظهر لأول مرة بعد إنقضاء منتصف الفيلم تقريباً

شخصية لايم معقدة ويتميز بالميكيافيلية، وحينما يقابل صديقة مارتين الذي مثل دوره الممثل جوزيف كوتون، كان ذلك في هذا الدولاب الذي نمتطيه الآن، ومن يعلم لربما كانت بنفس العربة هذه

تقدم شخصية البطل، لايم تفسيراً لأعماله عندما يشرح لصديقه، بأنه ولثلاثون عاماً قاست إيطاليا تحت حكم عائلة البورجا، الحروب والرعب والقتل وسفك الدماء، إلا أنهم قدموا للعالم مايكل أنجيلو وليوناردو دافينشي وعصر النهضة

أما في سويسرا حيث كانوا يتمتعون بالحب الأخوي و 500 سنة من القيم الديموقراطية والسلام، فكل عطائهم للبشرية يتمثل بساعة الوقواق، الكوكو كلوك" يشرح سامي لإندرا

"الشريط الموسيقي للفيلم كان ساحراً وتم أدائه على آلة الزثير والتي تشبة القانون الشرقية، ذكريني لاحقاً لأريك صور للآلتين" يبدأ سامي بالصفير بنغمة موسيقى الفيلم عندما بدأت العربة بالحركة والإرتفاع للأعلى

في الأسفل بدأت بوادر المعالم الحيطة بهم، كان أبرزها مبنى قبة النجوم، وعلى الناحية الأخرى كانت مراجيح مدينة للملاهي كانت مغلقة بهذا الوقت من العام

"يبدو أنهم لا يستعملون كل عربات الدولاب للركاب، فبعضها خالٍ لا أثر لركاب بها" تعلق إندرا

يخرج سامي المنظار الصغير الذي يحتفظ به دائماً في حقيبته وينظر للعربات الأخرى قبل أن يناولها إياه

يبدو أن بعض العربات مخصص لحجوزات المناسبات الخاصة، فهي تحتوي على طاولات تماثل الطاولات الصغيرة بالمقاهي

سرعان ما تصل العربة إلى القمة التي يبلغ إرتفاعها 60 متراً عن الأرض. حولهم بدت معالم المدينة البديعة، وتسهيلاً للتعرف عليها كانت الحواف العليا للنوافذ تحتوي على صور بانورامية للمدينة مع دليل بمعالمها الرئيسية. الشمس مالت الآن وعلى وشك الغروب، وضيائها الذهبية تنير المدينة وتضفي على معالمها المغطاة بالجليد الأبيض رونقاً ناعماً يعطي الإنطباع بالدفىء

"ياله من منظر ساحر خلاب!" تقول إندرا وهي تعاين معالم المدينة بالمنظار ونبرة صوتها مليئة بنشوي الإنبهار من جمال المدينة

يبتسم سامي، فقد أتقن إختيار الزمان المناسب لمعاينة المدينة بصحبة زميلته الحسناء التي زادها حسناً السعادة الطفولية التي كانت تشع منها في تلك اللحظات


إنتهى الجزء الثالث والثلاثون
ويتبع في الجزء القادم

3 Comments:

Blogger q80_demon said...

البوست وايد عجبني، وفيلم الرجل الثالث أكثر من رائع. كان المفروض تضع موسيقى الفيلم في خلفية الصفحة

"The Third Man" main theme

» البطل المضاد،كشخصية ماكبيث مثلاً«

*Macbeth*!

Aahhhhh! Hot potato, off his drawers, pluck to make amends. Ohhh!:-(

1:37 PM  
Blogger esetch said...

Demon

Thank you for the theme.

Superstitious person and a Blackadder series fan! An intriguing combination.

7:39 AM  
Blogger q80_demon said...


- Being but a mere butler (or put your own choice for a least favorite profession), one gathers that you are so oblivious of the great theater tradition that one does not utter the name of the Scottish play!

- Which one, Macbeth?

- Aahhhhh! Hot potato, off his drawers, pluck to make amends. Ohhh!

- You mean to tell me you have to do that everytime I say Macbeth?

- Aahhhhh! Hot potato, off his drawers, pluck to make amends. Ohhh!


etc. :-))

11:12 AM  

Post a Comment

<< Home