Sunday, May 21, 2006

رواية الدانوب الأحمر – الجزء الثالث والأربعون



هذه الرواية خيالية. جميع الشخصيات فيها من وحي خيال الكاتب ولكنها قد تحتوي على شخصيات حقيقية تم إدخالها بالرواية من أجل الحبكة الدرامية

"وختاماً، سيد ستيفنسن، سترى من مجريات العمل في مختبراتنا بأننا وكما بدأنا منذ عقود لا نتوالى عن بذل جميع الإمكانيات للمحافظة على سلامة العينات التي نستقبلها من جميع أنحاء العالم، وفحصها ليس فقط حسب الأساليب المتوائمة مع المعايير المتفق عليها بين المختبرات و مراكز البحوث العالمية، وإنما نطمح دوماً لزيادة الحرص في تقييمنا للنتائج التي نرفعها لمجلس الوكالة ليتخذ فيها القرارات اللازمة" تختم غابي حديثها للزائر الأمريكي هنري ستيفنسن

"نعم، هذا هو الهدف" يرد عليها هنري بإيجاز. ولكن هل هذا هو فعلاً ما يتحقق، يتسائل في نفسه

يبدو على غابي أنها تقرأ ما يدور بعقله، فتتابع الحديث، "كما أنه في الأحوال التي تتطلب التركيز لما قد تتسبب فيه تقارير مختبراتنا إلى دفع مجلس أمناء الوكالة لإقرار توصيات قد ترفع لمستويات أعلى، ... كمجلس الأمن، لذا فإن النتائج تخضع لدراسات مثيلة تقوم بها مختبرات أخرى من جهات مستقلة أو رديفة للوكالة، تخضع هي بدورها للمراقبة الدورية بغرض ضمان جودة تقاريرها. ولا ترفع النتائج والتقارير إلا بعد أن تتفق نتائجنا مع النتائج التي تحصل عليها تلك المختبرات" تسهب غابي

يهز هنري رأسه، فهي تزوده بالمحاضرة المعتادة حول إلتزام مختبرات الوكالة بالطرق المخبرية التي يتوجب السير عليها. ما يود معرفته هو إلتزام مختبرات الوكالة في هذه الحالة. يقرر أن يداهمها بالسؤال بعد أن مس فيها عدم رغبتها بتحاشي القضية

"وما هي السلسلة الحالية للفحوصات؟ أيوجد لديكم الآن فحوصات ذات أهمية تلتزمون فيها بالإجراءات المطولة التي ذكرتيها؟" يسألها

تحافظ غابي في هذه اللحظة على الهدوء في معالمها قبل أن تبدأ بالرد عليه. أيظن هذا التعس أنه يستطيع خداعي بالتظاهر بأنه لا يعلم أننا نعمل بشكل أساسي في الفحص على العينات البيئية من منطقة الخليج؟ ترد عليه، "لدينا الإختبارات المعتادة، مضاف إليها بعض الفحوصات التي تطلبتها أحداث تجري في العالم" وتظل محتفظة بإبتسامتها له

يبتسم هنري بالمقابل بإبتسامة ممجوجة قبل أن يطرح سؤاله التالي بشكل مباشر، "وماذا عن رحلة الفريق الأخير لإيران؟ ماذا تم بخصوص العينات البيئية التي جلبت من هناك؟" يسألها

تحاول غابي المحافظة على إبتسامها بقدر الإمكان، إلا أن ردها عليه كان مشوباً ببعض الجفاء، "جل الإختبارات على العينات قد تم، سواءاً كانت تلك القياسات التي تمت بمختبراتنا أو الإختبارات الموازية التي قامت بها المختبرات الرديفة، والآن نضع اللمسات الأخيرة على التقرير الذي سنرفعه لتصرف السيد مدير عام الوكالة قريباً، ... خلال أسبوعين على الأكثر" تختتم غابي حديثها ثم تنظر لساعتها قبل أن تخاطبه مرة أخرى، "إن الساعة قد قاربت على السادسة، وهو موعد الإنصراف اليوم. أنصحك بأن تبدأ بجمع حاجياتك والإستعداد للإنصراف، وخلال الأيام القادمة سيمكنك الإطلاع على مجريات العمل في المختبرات عن كثب" تحدثه

ينظر هنري إلى غابي ملياً، ثم يبتسم وينهض حاملاً حقيبته فيحييها ويخرج من مكتبها إلى مكتب السكرتيرة المجاور، حيث كانت إلكي تجمع حاجياتها إستعداداً للإنصراف

"طابت ليلتك سيد ستيفنسن" تلقي إلكي علية التحية، إلا أنه لا يرد عليها

يتجه إلى حيث ساعة تسجيل الحضور، فيجد البعض منتظراً لختم بطاقاتهم، فيقف منتظراً دوره. ينتبه للرجل الواقف بجواره

"طاب مساؤك سيد ستيفنسن"، يحييه الرجل ، "لا أعتقد أننا قد تقابلنا بشكل رسمي، إنا كيم جونغ" ماداً يده، ويمد هنري يده لمصافحة الرجل

+++++

"نعم يا بوبوف، لقد تم كل شيء على ما يرام. لقد تم نسخ محتويات جهاز الكمبيوتر الخاص به، وسنقوم خلال الأيام القادمة بنسخ المستجدات عليه" يحدث أناتولي بوبوف

"جيد جداً يا أناتولي"، يأتيه صوت بوبوف محدثاً إياه عبر الهاتف الخلوي. "لقد إنتهيت من تحصيل دفعة أخيرة من عملائنا وستصلك الأتعاب كالمعتاد. كما أنني سأبعث إليك بأحد أكفأ خبراء الكمبيوتر لدينا ليقوم بالباقي" يكمل بوبوف الحديث

"ومتى سيصل؟" يسأله أناتولي

"في الغد، وسيبدأ عمله في الحال. كل ما سيحتاج إليه هو بعض التعديلات اليومية التي ستزوده بها خلال الأيام القادمة. تذكر فقط ما هدفنا التالي، حال ما ننتهي من هذه المرحلة بمهمتنا فلا مجال لوجود أية علامات إستفهام مفتوحة" يؤكد عليه بوبوف

"نعم، نعم. فأنا لست بهاوٍ! وليست هذه أول مهمة لي كما تعلم. ولكن من هو عبقري الكمبيوتر الذي ستبعثه لي؟" يسأله أناتولي

"لا أعتقد بأنك قد قابلته من قبل. إنه شاب صغير يدعى فاسيلي وستعجب بمهاراته" يرد بوبوف

+++++

" إذاً فأنت من كوريا؟" يسأله ستيفنسن
"نعم، من بوسان بالتحديد" يجيبه كيم الذي كان يجلس بجواره في الحافلة العائدة لفيينا

"أحقا! بوسان ثاني أكبر المدن في كوريا الجنوبية، أليس كذلك؟" يسأله هنري بكل بمودة

" نعم، فهي المدينة الساحلية التي تحتوي على أكبر مرفأ في الجمهورية" يجيبه كيم

" أتعلم،،، لقد كان والدي أحد مشاة البحرية الأمريكية الذين شاركوا في الحرب الكورية وقاتلوا تحت أمرة الجنرال ماك آرثر في معركة إنتشون في الأشهر الأولى من الحرب" يرد هنري

"أحقا ماتقول!" يجيبه كيم بدهشة مرحة،" فمعركة إنتشون والتي إستمرت قرابة الأسبوعين في خريف عام 1950 ، حررت مدينة بوسان من سطوة إحتلال الشمال " يشرح كيم

"نعم، وإن لم أكن قد ولدت بعد، فوالدي لم يقابل أمي إلا بعد أن سرح من الجيش" يحدثه هنري مبتسماً

"وكذلك الحال بالنسبة لي، فعندما ولدت كانت الحرب متوقفة منذ عدة سنوات" يرد كيم ضاحكاً

+++++

وأخيراً إنتهى اليوم. كم هو طويلٌ يوم الإثنين، وعند العودة لا يمكن عمل شيء، فكل الأماكن مغلقة في هذا الوقت. يفكر سامي مع نفسه وهو يغلق باب غرفته في فندق سيسي

لقد إتفق وإندرا على أن يمضي كل منهما الليلة لوحده بعد اليوم المضني، وأيضاً ليتفرغا لأعمالهما المنزلية، على أن يعاودا الإلتقاء في الليلة القادمة

يجد أن الثياب التي أعطاها لموظفة الإستقبال من أجل التنظيف الجاف مغلفة بعناية ومعلقة بقرب الخزانة، لقد تم تنظيفها بنفس اليوم وهذا شيئ جيد.

يفتح سامي الكيس ويخرج العبوة التي أعطاها له بول والدكتور أبزيـير ويبدأ بمعاينتها، متسائلا ًعن الفترة التي ستستلزمه لملئها بالكامل. يتذكر بما يتوجب عليه القيام به من أعمال منزلية، فلديه بعض الثياب التي يتوجب عليه غسلها

يترك سامي غرفته حاملاً الكيس متوجها لطاولة الإستقبال ليستفسر عن غرفة الغسيل، يخبره الموظف عن وجوب شراء عملات خاصة للغسالات وآلات التجفيف في الغرفة ويتوجه للسرداب بعد شرائه العدد المطلوب من العملات، حيث غرفة الغسيل، التي كانت خالية

يقسم الثياب إلى جزأين في غسالتين متجاورتين، الملون منها والأبيض. على الرغم من أنه قد أحضر صابون التنظيف وسائل التبييض معه، إلا أنه وجد سطلاً معلقا على الحائط يحتوي على مسحوق التنظيف، وعبوات مختلفة لسوائل التبييض. كان الأمر سهل للغاية. تبدأ الغسالات بالعمل، فيجلس على أحد الكراسي بعد أن يخرج الآي-بود ليمضي الوقت بالإستماع للموسيقى

يفكر في ما سيفعله بعد الإنتهاء من الدوام غداً. سيأخذ الأفلام التي تحتوي على الصور التي إلتقطها للأماكن التي زارها في عطلة الأسبوع لمحل التصوير المجاور للفندق. ثم يخطط للذهاب للتسوق سريعاً قبل أن يقابل إندرا في المساء، لاحقاً سيتفق معها على مكان قضاء الليلة، ... يبتسم

يتوجب عليه دعوتها يوماً لعشاء يحضره بنفسه، ربما لاحقا ًهذا الأسبوع. يتذكر الأيام الماضية، ثم يفكر في الصور التي رآها في كاميرتها بالأمس. ويعاود سؤال نفسه عن الغرض من تلك الصور. هل يواجهها بالسؤال عنها؟ يتناول الآي-بود، ويبحث عن مقطوعة فيلم الرجل الثاني



إنتهى الجزء الثالث والأربعون
ويتبع في الجزء القادم

0 Comments:

Post a Comment

<< Home