رواية الدانوب الأحمر – الجزء الثاني والأربعون
هذه الرواية خيالية. جميع الشخصيات فيها من وحي خيال الكاتب ولكنها قد تحتوي على شخصيات حقيقية تم إدخالها بالرواية من أجل الحبكة الدرامية
"غابي؟" يتردد الصوت
"نعم يا إلكي" ترد مديرة المختبر غابي هولتهاوزن علي سكرتيرتها عبر الإنتركوم
"إتصل هنري ستيفنسن الآن من مقر الوكالة بالمدينة، وأبلغني أنه سيكون هنا وقت الغداء
"شكراً لك يا إلكي" تغلق الإنتركوم وتتسائل مع نفسه اإن كان هذا الأمريكي يظن أنني قد نسيت مثلاً أن مهمته ستبدأ اليوم
+++++
"أتسمعني يا سامي؟" يسأله عبر الإنتركم
"نعم، وبوضوح تام" يرد سامي على بول
لقد كان دوره الآن داخل وحدة الكاشف. أمامه على الحائط بعض المشابك وعلاقات الملابس بالإضافة لطاولة صغيرة وضع عليها الكيس البلاستيكي الذي دخل به. كانت هناك مرآه ذات وجهين معلقة على الحائط، ومكان مناسب للأدوات الشخصية كأدوات التجميل للنساء. جلس على الكرسي الصغير وبدأ بخلع حذائه ثم وقف ليكمل خلع ثيابه
"بعد الإنتهاء من خلع وتعليق ثيابك إفتح الكيس لأخذ لوازم الإستحمام فقط وضع النعل المخصصة حيث يمكنك وضعها حال الإنتهاء من الإستحمام، تذكر بأن النعل للإستخدام بعد الإستحمام فقط" يأتيه صوت بول عبر المذياع، ويخيل له أن إندرا تحاول كتم ضحكتها
يخرج من الكيس صابونة ومنشفة، ثم يدخل لوحدة الدش على اليسار. يقوم بتعليق المنشفة خارج الباب قبل أن يفتح صنبور الدش ليتدفق سيل الماء بقوة على جسمه. عليه أن يغسل جسمه جيداً بإستخدام قالب الصابون، والذي ذكره بصابون السانلايت القوي الذي يستخدمه العمال بالورش
بعد الإنتهاء من الإستحمام يقوم بتجفيف بدنه جيداً بالمنشفة ثم يخرج من الدش ويضع قدميه بالنعل التي وضعها بالخارج و دون أن تلامس قدماه الأرض. يقف تحت جهاز التجفيف ليقوم الهواء الدافيء بتجفيف شعره، ثم يقوم بالتخلص من المنشفة في المكان المخصص. يرتدي الروب الذي كان بالكيس قبل أن يحدث بول بأنه جاهز للدخول لغرفة الكشف والموجود بابها على يمين الغرفة
"حسناً يا سامي، تذكر بأن تأخذ معك الأغطية الموجودة بالكيس، وعند الدخول لغرفة الكاشف تذكر بأن تترك النعل بالخارج. سأفتح لك الباب الآن" يستمع لتكة خافتة، ويرى أن الباب المعدني قد فتح. بعناية، يزيل النعل عن قدمه اليمنى قبل الدخول ثم اليسري. ما أن يدخل حتى يغلق الباب ورائه
الغرفة كانت شديدة الدفء، فالهواء لها يدخل عبر فتحات تهوية صغيرة تمر بمرشحات لحفظ الغرفة نظيفة. الغرفة بالكاد تسع الصندوق المعدني أمامه. إلا أن قدماه العاريتان كانتا تشعران بالبرودة من أرضية الغرفة
"عليك الآن يا سامي أن تفتح باب الكاشف على يمينك" تأتيه التعليمات
يفتح الباب ليرى سرير الكشف، تعلوه وحدتي الجيرمانيوم للقياس الإشعاعي معلقتان بذراع آلي
"عليك الآن وضع غطاء السرير وتثبيته بالمشابك المخصصة" يقوم سامي بذلك ويضع الغطاء الإضافي عند حافة السرير
"بعد أن تنتهي، يمكنك تعليق الروب على المشبك المخصص لذلك قبل أن تتمدد على سرير الفحص" يكمل الصوت
يخلع سامي الروب ويعلقه، ثم يتمدد بعناية على السرير الذي كان لا يزال دافئاً بفعل إستخدام إندرا للجهاز. يجذب بعدها باب الكاشف فيغلقه، ليصبح بعدها حبيساً بقفص معدني. مصدر الضوء كان لمبة صغيرة خفية، كما كان يستمع لهدير هادئ من مراوح التهوية
"تستطيع إستخدام الغطاء الإضافي للتغطية إن أحببت. سأقوم الآن بفتح قفل الذراع الآلية ووضعها على وضع كشف الصدر. أرجو منك تعديل وضعية الجهاز بإستخدام المقبض المخصص لذلك" يجر سامي المقبض لتحريك وحدتي القياس بحيث أصبحتا فوق صدره، ثم قربهما للحد الذي تسمح به الدالة المعلقة بوسط المجسين
"أحسنت يا سامي، الآن سنبدأ بأخذ قياسات الصدر لمدة نصف ساعة، ما رأيك ببعض الموسيقى؟" يقول له بول
"ولكن إحذر من أن تخلد للنوم" تضيف إندرا ضاحكة ويسمع ضحكة بول أيضاً
"مضحك جداً" يرد عليهما بتهكم
بعد إنقضاء الوقت يذكره بول بأن عليه الآن أخذ قياس كلي، وهو ما سيستغرق ٢٠ دقيقة أخري. تتحرك وحدتي القياس نحو قدميه، ثم تتقدمان ببطء للأعلى بإتجاه رأسه
في النهاية يستمع لصافرة حادة تعلن أن عملية القياس قد إنتهت. تتحرك الذراع الآلية لتستقر بالمقياسين أسفل قدميه
"حسناً يا سامي، لقد إنتهينا. يمكنك الآن فتح باب الكاشف والنزول من السرير، وسأفتح لك الباب ليتسنى لك الخروج لغرفة تبديل الملابس. أرجو منك اخذ جميع الأغطية والروب والتخلص منها في المكان المخصص لذلك" يطلب منه بول
+++++
"إن كنت قد حليت اللغز يا سامي، ما رأيك أن تسجله على اللوحة قبل الذهاب للغداء؟
"حسنا يا إندرا، ....، لا أصدق أن نصف اليوم قد إنقضى ونحن نقوم بعملية الفحص... " يحدثها سامي
ما أن يدخلا الغرفة حتى يفاجآ بالزملاء و هم يحيطون بهنري ستيفنسن وهو يقف أمام اللوحة. يلاحظهم كيم، فيقترب من سامي" لقد سبقك مرة أخري، لقد وصل للتو وشاهد أحجية اليوم"يحدثه
كان هنري يشرح الحل "هذه أحجية سهلة جداً، ولا يتطلب حلها إلا بعض المعرفة بالنظام الثنائي للأرقام، أي النظام الحسابي الذي يتكون من الصفر و الواحد فقط، وهو النظام الذي تترتب علية العمليات الحسابية في الأجهزة الحاسبة الإلكتروني
في النظام الثنائي، يكون تسلسل الأرقام كالتالي:
1 : 1
2 : 10
3 : 11
4 : 100
5 : 101
6 : 110
7 : 111
8 : 1000
وهلم جراً ...
ونتوصل للمقارنة بين النظامين العشري والثنائي إن تذكرنا بأن العدد بالنظام العشري يساوي مجاميع مضروب محتوى كل خانة في العدد 2 مرفوع لأس يساوي رقم تلك الخانة
فمثلا الخمسة تساوي واحد مضروب في 2 للأس صفر (والناتج هو1) وذلك للخانة الأولى من اليمين أو بالأحرى الخانة صفر
ثم صفراً مضروب بالعدد 2 مرفوع للأس واحد - أي الخانة رقم واحد (والناتج هو 0)
ثم واحد مضروب بالعدد 2 مرفوع للأس 2 - أي الخانة رقم أثنين (والناتج هو 4)
فيكون المجموع الكلي هو 1 زائد صفر زائد 4 ويساوي 5
وبذلك نستطيع أن نحل اللغز بأن نقول، في اليوم الأول يسلم بوصة من القضيب، والثاني بوصتين ويسترد الأولى، والثالث يسلم الأولى …دون أي يسترد شيئاً وفي اليوم الرابع يسلم القطعة ذات الأربعة ويسترد الجميع .... وهكذا إلخ
ولكن لنري لعدد أيام شهر مايو كما تنص الأحجية، 31 يوماً. بإستخدام النظام الثنائي يمكننا معرفة ما سيسلمه المنقب لصاحب السكن مباشرة ودون الرجوع لليوم السابق
إذا حولنا ترتيب ذلك اليوم من الشهر إلى نظيره الثنائي، وإن تذكرنا بأن الخانة الأولى بالرقم الثنائي تساوي بوصة من القضيب، 2 للأس صفر. والخانة الثانية تساوي بوصتين أي 2 للأس واحد. والثالثة 4 بوصات، 2 للأس 2 . والرابعة 8 بوصات، 2 للأس 3. والخانة الخامسة هي آخر خانة نحتاج إليها لحل هذا اللغز - وتساوي 16 بوصة، أي 2 للأس أربعة
والآن لنفترض أن المنقب يريد معرفة ما يجب إيداعه لدى صاحب السكن باليوم الثالث والعشرون من الشهر، فكل ما علينا هو تحويل ٢٣ من النظام العشري إلى النظام الثنائي، الناتج سيكون
10111
وهذا يعني، قطعة البوصة الواحدة + قطعة البوصتين + قطعة الأربعة بوصات + قطعة الستة عشر بوصة، بدون حاجة لقطعة الثمان بوصات. أما في اليوم التالي (الرابع والعشرون من الشهر)، بعد أن نقوم بالتحويل يكون الرقم الثنائي هو
11000
أي أن المطلوب هو قطعتي الثمان بوصات + الستة عشر بوصة. فالمنقب سيسلم قطعة الثماني بوصات ويسترد قطع البوصة الواحدة + البوصتين + الأربعة بوصات
الحل بديهي، أليس كذلك. يختتم هنري حديثه بزهو
يهز الحاضرين رؤوسهم بالإيجاب، فلقد إستحسنوا حل هنري السلس للأحجية
يلتفت سامي لإندرا، "حسناً يا إندرا، أتودين الذهاب للكافتيريا" تجيبه بالإيجاب. يترك الإثنان المختبر سوياً
تلاحظ عليه بعض علامات الضيق، "لا عليك يا سامي، لقد سبقك بدقائق فقط، كما ان يومك مليء بالمشاغل وليس كمثل يومه" تقول له بلهجة مفرحة تحاول التخفيف عنه
يبتسم لها سامي، ويسير بجنبها بصمت. لقد كانت إبتسامة مصطنعة
"اللعنة!" يفكر في نفسه
إنتهى الجزء الثاني والأربعون
ويتبع في الجزء القادم
0 Comments:
Post a Comment
<< Home