Sunday, April 09, 2006

رواية الدانوب الأحمر – الجزء الثامن والثلاثون

إني أعتذر من زوار المدونة الكرام والمتابعين لرواية الدانوب الأحمر للتأخير في إستكمال الحلقات. وها نحن نبدأ مرة أخري

ملخص الإسبوع الأول
سامي عبدالهادي، شاب كويتي، تم إبتعاثه للمشاركة في مختبرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا للتعرف على أساليب الكشف عن التلوثات النووية في البيئة. تتوالى الأحداث بتداخل الشخصيات، كلٍ لديه أجندة خاصة به لغرض معين. فمنهم المشرفين على المختبرات ومنهم متدربين من دول اخرى. إلاّ أن متدربة واحدة لفتت إنتباهه ، فعلى ماذا ستنتهي الأحداث



رواية الدانوب الأحمر – الجزء الثامن والثلاثون

هذه الرواية خيالية. جميع الشخصيات فيها من وحي خيال الكاتب ولكنها قد تحتوي على شخصيات حقيقية تم إدخالها بالرواية من أجل الحبكة الدرامية

تحذير: هذه الحلقة تحتوي على لغة تعبيرية قد لا يستسيغها البعض، لذا وجب التنويه


*** بداية الإسبوع الثاني ***

"إنها تسمى أوسو بوكو، وهي وصفة من ميلانو، وترجمتها الحرفية العظمة المجوفة ولكنها ببساطة عظام ساق لحم العجل تطبخ في مرق اللحم ومتبلة بالنبيذ الأبيض وطماطم وأعشاب عطرية" يحدثها بينما هو منهمك بالطبخ ، "نضع جميع المقادير بالفرن لمدة نصف ساعة تقريباً بعد الطبخ لإكمال النضج" يكمل

يدير منبه التوقيت، تلف ذراعيها على خاصرته وتضمه "وماذا نفعل في الأثناء؟" تسأله

يلتف نحوها ويقابلها وجهاً لوجه ويبدأ بالمغازلة

يبدأ الموقت بإصدار أزيزه المزعج ويحاول توقيف الصوت بينما هو منهمك معها. الصوت لا يتوقف على الرغم من محاولاته، وفجأة يفتح عينيه وينظر حوله باحثا عن مصدر الإشارة الإلكترونية. يمد يده إلى المنبه بقرب رأسه ليصمت الصوت. يا له من حلم جميل حري به أن يتحقق
ينهض من سريره بتثاقل ويقعد بأطراف السرير ممدداً جسده متثاوباً يتجه بنظره نحو النافذة. الظلام لا زال يخيم على المدينة. يتجه بخطوات ثقيلة نحو النافذة ويطل على الشارع. رويداً الحياة تدب في الشارع بالأسفل. قليل من المارة. بالكاد تتحرك العربات والسيارات بالشارع. أغلب السيارات ما زالت متوقفة على جانبي الطريق. واحد، إثنان، ثلاثة، يبدأ بعد السيارات بلا سبب واضح. هل سيارة فان المتوقفة أمام مخبز الأنكور تعد بمثابة سيارتين؟ يسأل نفسه. يا للسخافة، علي البدء الآن، السماء تبدو صافية ولكن الجو يبدو شديد البرودة

يبدأ بالإستعداد لرياضة العدو كما إعتاد كل صباح. ينظر للرف السفلي في الخزانة، فيتذكر أنه بحاجة لأخذ بعض الملابس للتنظيف. بعض الملابس تحتاج للتنظيف الجاف، يبحث عن الكيس البلاستيكي المخصص لهذا الغرض وبسرعة يعبيء النموذج الخاص لهذا الغرض. أما البقية من الملابس سيقوم بغسلها بنفسه في غسالات مقر السكن، لكن عليه الإستفسار عن النقود اللازمه لأجهزة الغسيل

يفتح سامي باب الغرفة حاملاً كيس الغسيل لتسليمه لموظفة الإستقبال في طريقه للخروج لأداء التمارين

إنه بداية إسبوع جديد، ويوم أثنين طويل يفكر لنفسه بينما يقوم ببعض تمارين التمدد. ها نحن نبدأ، ويبدأ بالعدو

+++++

السكون يلف المختبرات. لقد أتى مبكراً خصيصاً للغرض الذي أوصي به. فحتى موظفات النظافة لم يبدأن عملهن بعد. هو مطمئن بأن تواجده المبكر بالمختبرات لا يبعث أية شكوك. ففي الآونة الأخيرة أكثر من قدومه مبكراً متعمداً كي تصبح عادة مقبولة لدى أمن المختبرات، مما جعل قدومه اليوم روتين. يتجه مباشرة للمكتب الكائن في نهاية الممر بالطرف الأخير من المبنى

يفتح الباب بمفتاحه المعتاد، يخرج مصباحه الصغير ويتجه للمكتب الذي تبدو على سطحه علامات الفوضى المنتشرة حول الغرفة. لحظة واحدة! يقف مفكراً. لو رآني أحدهم ومعي المصباح، سيثير ذلك من الشكوك أكثر من تواجدي في المختبر هذه الساعة. علي أن أكون على سجيتي فيبدو الأمر وكأنني أبحث عن شيء ما فقدته. نعم، هذا ما يجب علي فعله. يغلق المصباح ويحرك مفتاح إضاءة المختبر، ثم يتجه مرة أخرى نحو المكتب ماداً يده نحو الدرج السفلي، حيث يمكث هدفه، ليفتحه

بعناية يقوم بإزالة أكياس وعلب الحلوى المختلفة حتى يعثر على ما يريد. يخرجه ويضعه على ركن خالي من سطح المكتب. يقوم بتصفح الدفتر الأسود باحثاً عن إسم معين

هذا التعس لا يعلم أن حبه للتلصص على ما يقوم به الآخرين هو أحد أسوأ الأسرار في المختبرات، ألا أن الجميع ليسوا على علم أنه يحتفظ بهذه المعلومات مسجلة كتابة في دفتر يحتفظ به في مكان العمل، فهو لا يثق بالوسائل الإلكترونية لحفظ المعلومات. سيتغل حرص هذا المهرج لمعرفة المدخل إلى ما يريد من هدفه

يتصفح الدفتر حتى يعثر على ما يريد. يمد يده لجيبه ليخرج دفتر المدونة وقلماً ليسجل المعلومات التي أتى من أجلها. يعيد المدونة والقلم لجيبه، ثم يعيد الدفتر الأسود بعناية لمكانه أسفل الدرج، ويغطيه بعلب الشوكولاتة وأكياس الحلوى. يغلق الدرج وينظر للمكتب للتأكد أنه لم يترك ما يثير الشبهات. يفتح باب المكتب وينظر للخارج بحرص، لازال المكان خالياً. يغلق المصباح ويخرج من المكتب ويغلق الباب خلفه

لم يستغرق الأمر أكثر من دقائق معدودة للحصول على ما يريد ودون أن يشعر به أحد. إنه بحاجة لشيء آخر، وذلك يتطلب الذهاب لمكتب يقع بالناحية الأخرى من مبنى المختبرات. ينظر لساعته، ما يزال الوقت مبكراً

+++++

يفتح بوبوف عيناه وبالكاد يستطيع الحراك بعد مجهود ليلة البارحة. لقد أصبح جسده مترهلاً. ينظر لساعته بينما ضياء الشمس يملأ الغرفة، ومع ذلك فالوقت ما زال باكراً. ولكنه يفضل أن يكون مستعداً لمثل هذه المهام والشخص الذي سيلتقيه يشاركه هذه العادة

ينظر للغرفة من حوله، حيث الجناح البانورامي الفاخر الذي إعتاد عليه كلما زار المدينة. ينهض من الفراش ويتجه للنافذة التي تمتد من الأرض حتى سقف الغرفة. يفكر للحظات بينما يفرك بيده منطقة عانته متلاعباً بعضوه الذكوري. من هذا العلو الشاهق ومن خلال النافذة ينظر لمياه الخليج الدافئة الممتدة إلى نهاية الأفق. ياله من فارق شاسع بين الجو هنا والجو في موسكو الآن
حسناً، عليه الإستعداد للقاء الطرف الآخر. يتجه لحمام الجناح فيتذكر أمر ما.
يتجه للسرير ويسحب الغطاء الساتن الحريري. يا له من قوام. يتابع وبنهم جسدها العاري وهي ممتدة ونائمة على صدرها. يتأملها للحظات. تراوده الأفكار بالبدء جولة أخرى من الغزل معها. لا، لدي موعد مهم. علي أن أكون بأفضل حالة، جسدياً وعقلياً. يضرب الفتاة النائمة بجفاء على مؤخرتها البارزة فتستيقظ بذعر وتنظر إليه. يقرقع أصابعه ويشير إليها بإبهامه لأن تنصرف. ترتدي ملابسها بسرعة وتنصرف دون أن تنطق بكلمة واحده

+++++

يستيقظ هنري ستيفنسن من نومه بتثاقل في غرفته بفندق الكراون بلازا. اليوم تبدأ مهمته رسمياً وعليه الإستعداد لذلك. يتجه لفتح النافذة لتفحص الجو، إنه اليوم شديد البرودة

حسناً، إن كل ما أحتاجه جاهز بحقيبتي، يفكر لنفسه، وما علي سوى الذهاب لمقر الوكالة، ثم سأستقل الحافلة ظهر اليوم للذهاب للمختبرات

من الغد سيكون عليه إستقلال الباص للذهاب رأساً للمختبرات، يفكر وهو يتجه لحمام الغرفة. عليهم بالدفع أكثر لقيامي بهذا العمل

+++++

يمسح الصابون من على وجهه إستعداداً لحلاقة ذقنه. ينظر لنفسه في المرآه وهو يشعر بالزهو. منذ سنوات وهو يتوق لتملك فيلا من تصميم مايلو رامبالدي، وأخيراً هذا الحلم سيصبح حقيقة

يبدأ بالحلاقة بإستخدام الموس. يتذكر أيام الفترة الماضية والمهارات التي أبداها بالتعامل. لقد كان الأمر دقيقاً وقد إستدعى الكثير من الحذق كما لو كان المراد هو حفظ الإتزان على حافة شفرة حادة، فيضحك في نفسه. لقد تطلب الأمر الكثير من التعامل الحذق مع الأطراف الذين يتعامل معهم، والآن يبدوا أنه قد أفلح في تحقيق مكاسب أكثر مما كان يتصور وذلك عن طريق التلاعب بما يمتلكه من المعلومات بين الطرفين

نعم، سيحقق مزيدا من الربح، ولكن السؤال الآن، من منهم سيدفع أكثر؟ يبتسم مع ورود السؤال في خاطره. لا يهم، المهم الدفع بأعلى سعر

+++++

يبدو أن يومنا اليوم سيكون موفقاً، يحدث مجيد نفسه. فالصيد حتى الآن وفير، يتجه بنظره نحو أبيه عباس. كانا يستعدان لإلقاء الشباك في مياه الخليج من قاربهما مرة أخري

اليوم سيكون يوم صيد إعتيادي لهما، ولا يستدعي مهام أخرى تتطلب توفير خدمات ذات غايات غامضة مع أطراف من ذوي النوايا المجهولة

ولكن هل ما يقومان به صحيح؟ يسأل نفسه. لم لا يكون صحيحاً. يرد على سؤاله. فما يقومان به لم يضرا به أحد. فما المشكلة إذاً. ثم ما العيب في تجميع القليل من المال؟ الجميع يقوم بذلك. أغلب أصحاب المراكب يقومون بتهريب البضائع بل يستميتون بإبتكار حيل إخفاء ما يجلبونه من أعين رجال الجمارك. والآخرين أصبحوا جريئين أكثر برشوتهم لرجال الجمارك

نعم لا ضرر ما نقوم به، آن الآوان بالإلتفات نحو أنفسنا ونفسي. إن معصومة لن تنتظرني طويلاً ولا أبيها. فليذهب الجميع إلى الجحيم. إنه عالم متوحش البقاء فيه لمن لديه الدولار، وهذا ما لدي

+++++

بين النوم واليقظة، يسترعي إنتباهه نبرة صوت معينة. الأمر يجره لليقظة التامة، فيسارع بالنظر للأجهزة الملاصقة للسرير

الأمور كان لا تزال على ما هي عليه، نبرات الأجهزة كانت تعلمه بأن زوجته لاتزال تصارع الموت، بينما تتشبث بما بقي لها من بارقة الحياة. المورفين قد يقلل من آلامها، إلا أنه يعني أن مواجهتها مع الموت ستكون صامتة وهي بحالة اللاوعي
يعود الإسترخاء بكرسيه وهو ينظر إليها. كل ما فعلته كان لأجلك عزيزتي، محدثاً نفسه، وها هو يذهب أدراج الرياح هباءاً منثوراً بلا فائدة

+++++
آه، أيتعين علي النهوض الآن ؟ تفكرللحظات وهي تنظر لساعة المنبه بعين شبه مغمضة. تستمر بالإستلقاء وتلقي بنظراتها نحو سقف الغرفة بينما تتدفق الأفكار إلى مخيلتها

أحقا مضى أسبوع علي في فيينا؟ كم تمضي الأيام متسارعة، خاصة عندما تحتوي أوقاتاً سعيدةً. تتذكر سامي، فتغمض عيناها بينما تتململ في سريرها وتعلو الإبتسامة وجهها

وفجأة تتذكر الأمر الذي جاءت من أجله، نعم هناك الكثير من الأمور التي يتحتم عليها إنجازها. النجاح هو غايتها ولا مكان للإخلال بهذا الهدف . تتذكر أنها وعلى الرغم من إمضائها الكثير من وقت عطلة نهاية الأسبوع مع سامي، إلا أنها قد أنجزت الكثير، إلا أن عليها مراجعة ما أنجزته حتى الآن. حسناً إذا، ستقضي بعض الدقائق في التدقيق وتبيان المعلومات المتوفرة لديها حتى الآن، قبل أن تدخل للحمام لتستعد لليوم الجديد

تنهض من السرير متوجهة للطاولة. تجلس على الكرسي وتشغل جهاز الكمبيوتر المحمول، تتناول حقيبتها وتخرج منها كاميرتها الرقمية




إنتهى الجزء الثامن والثلاثون
ويتبع في الجزء القادم

1 Comments:

Blogger الأجنحة المتكسرة said...

welcome back
hope you continue the story

متنا من النطرة ;P

1:55 PM  

Post a Comment

<< Home