Sunday, March 27, 2005

أماني - قصة قصيرة



ولادة بنت المستكفي، في مدونتها، أطلقت حملة حب شعارها تغازلوا تحابوا.

أهدي هذة القصة إلى كل المحبين. واعملوا بنصيحة ولادة.

إلى العزيزة، نانو قد لم يعجبك قصة الحب في رواية فاصلة منقطة، ارجو أن تعجبك هذة المرة.

****************************************

أماني


لقد كان ذاك الزمان، زمن البراءة. كانت الكويت منغمسة في عروبتها. بلاد العرب أوطاني من بغداد لتطوان. لقد كانت الكويت في عز إنطلاقتها. متشعبة في كل أطراف الدنيا. تساند جيرانها. وتمدهم بالمال والمصادر دون منه أو إنتظار رد للجميل.

أما لذاك الزمان أن يعود.

لقد كان ذاك الزمان، زمن صباح السالم. أبو سالم بطيبته المعهودة ونخوتة. كنا ننشد، طيارة طارت بالسما العالي فيها صباح السالم الغالي. أي والله الغالي. فكم كانت أعيننا تفيض بدموعنا المغتبطة من الفرحة برؤيته عند مرور موكبه المتواضع أمامنا بشوارع الكويت ملوحاً لنا. وكم بكينا يوم رحيله وعدونا نحو المقبرة ألا أن هذه المرة كانت دموعنا ساخنة حزينة لفراقه. دموع وداعه فى رحلته الأخيرة.

أما لذاك الزمان أن يعود.

لقد كان ذاك الزمان، زمن تلفزيون الكويت. كنا نستمتع بتلفزيون الكويت. نعم تلفزيون الكويت ذو القناة الواحدة. قناة واحدة وتكفي. الشاطر حسن وشبروح. شرك برك أوقف مكانك ولا تتحرك. يا إلهي ما أسخفه من مسلسل رمضاني وما أمتعه. أمينه الشراح، وما أدراك من أمينه الشراح. لقد وقعنا في هيام بنت الكويت الجميلة. آه يا أمينه، أين أنت الآن؟ أين ماما أنيسة وعز أيامها. درب الزلق وصعود نجم الدراما الكويتية. دراما الجمال والضحك وليس دراما المخدرات والصفع والضرب.

أما لذاك الزمان أن يعود.

لقد كان ذاك الزمان، زمن المنتخب الأهلي. أو هكذا كان يسميه خالد الحربان. أوه يالأزرق إلعب بالساحة. نعم لقد أثبت الأزرق بأنه سيد الخليج بلا منازع. دورة كأس الخليج بقطر أعطته الصك بذلك. جاسم، الدخيل، فتحي، العنبري، يا ويلي يالعنبري. رباعية بمرمى العراق. لا مثيل لها أبداً، لن تعاد أبداً.

أما لذاك الزمان أن يعود.

لقد كان ذاك الزمان، زمن الحب، زمانها.

لقد كان صيف خمسة وسبعون وتسع مائة وألف. ها هم ينزلون أمتعتهم.

لقد كان أهلي يعرفونها. العلاقات الأسرية كانت مترابطة. فأمها كانت صديقة لأمي ووالدي كان على علاقة طيبة بأبيها.

أما أخي الأكبر فقد درس مع زوجها في ثانوية الشويخ. نعم، زوجها. في الحقيقة لقد كان إبن عمها. وكأغلب الزيجات في ذاك الوقت، وحتى الآن، البنت لإبن العم. لقد كان إبن العم ربيب أبيها بعد أن توفى أخيه، أبوه. كانوا حديثي الزواج وإبنتها الصغيرة لم تكمل عامها الثاني بعد.

إياكم وسؤالي عن هيامي بها. فأنا لا أعرف كيف حصل ذلك. لقد كان من الصعب الاّ يحدث ذلك.

هل عشقتها لذكائها؟ لا أعلم. فكم معلمة كويتية كان في ذال الزمان تدرس العلوم بالمدارس المتوسطة؟ لا أنكر إنبهاري عندما سمعت بأنها قد تخرجت من جامعة الكويت.

هل عشقتها لأخلاقها وأدبها؟ لا أعلم. لم تكن بحاجة لحجاب أو التوشح بالسواد لتثبت للآخرين فضيلتها. فرصانتها كانت تبان دون إثبات، للعيان.

أم إني عشقتها لجمالها. وكأن بشارة الخوري قد الف قصيدته الصبا والجمال بعد أن رآها. أجل، فقد قتل الورد نفسه حسدا منها ورمى دماه في وجنتيها. يا لهما من وجنتين إحمرتا من أجلي أنا. نعم لقد كنت أحس بذلك.
يا لعينيها الساحرتان تحرسهما رموش تمنع سهام العاشقين عنهما.
يا لثغرها الصغير الباسم. لقبلة من ذاك الفم تعيد لعاشق ميت الحياة.
وذاك القوام المحتشم الذي وصهر قلوب الناظرين له.

أما لذاك الزمان أن يعود.

هيهات. لقد ضاعت السنين من بين أصابعنا دون أن نحس بها. فيا للأسف، ما إغتنما اللحظة التي عشناها، هياما، فقد إمتلأت كؤوس حياتنا قبل أن نملأها مداما.

****************************************

حملت مع أمي أطباق الغداء لجيراننا الجدد. لقد كانت تلك العادة من العادات الكويتية الأصيلة التي إختفت تقريباً ككثير من العادات الطيبة. لم أكن قد رأيتها من قبل. هذا ما ظننته. إلا أنني إكتشف بأنها تعرفني. وعلى ما يبدو، بأني أمي كانت تأخذني بصحبتها عند زيارتها لأمها. لقد كنت صغيراً حينئذ.

ما أن رأتني حتى نطقت بإسمي منبهرة بعض الشي وتحدث أمي. أهذا فلان. ما شاء الله. لقد كبر. مرحباً فلان وتمد يدها بعفوية نحوي.

مددت يدي وقد إحمرت وجنتي خجلاً. يا ربي ما هذا الجمال والسحر. أحقيقة ما أرى. تضحك بخفة بعد رؤيتها ردة فعلي على وجهي. لا تكن خجولاً. أتستحي من أختك الكبرى. لا. لا أريدك أختاً صحت بنفسي. وتسألها أمي عن عذاري. إبنتها. هي نائمة تجيب.

سامحيني يا خالتي. تحدث أمي. فلا أستطيع ضيافتكم. لا يا إبنتي فهذا واجب الجيران. تشكر أمي كثيراً على الغداء والأكل الذي جلبناه.

نسمع نفير سيارة. ها، لابد وأنه خالد زوجي. تحاول أمي الإستئذان وتصر هي على بقائنا للغداء. وبدخول زوجها وبعد السلام والحديث القليل تستأذن أمي فتودعنا عند الباب.

****************************************

وبدأ عامنا الدراسي. الصف الثالث المتوسط.

لم أكن يوماً طالباً خائباً ولكن لسبب ما، طلبت أمي منها أن تساعدني في دراستي. ولم تخيب رجاء أمي. بل كانت متحمسة لذلك. إلا أن ذلك تم في منزلها.

شعرت بالكثير من الخجل والرهبة في الأيام الأولى. وخصوصاً لدى جلوسي بالقرب منها. لقد كانت رائحتها العطرة تشعرني بنشوة. وبمرور الأيام إضمحل إلى أن إختفى الخجل ، إزدادت رغبتي بالبقاء بقربها.

كنت أتعمد بالكثير من الأحيان إظهار عدم فهمي للشرح والدرس لتعيده لي لكي يطول بقائي بقربها.

كان يوم الخميس. لا أنس فرحتي بشهادة الفصل الأول من العام. الدرجات العالية. وقفت بجانب منزلها ولم أذهب إلى بيتنا. كنت أنتظر عودتها من مدرستها لأوريها الدرجات. ولكن طال إنتظاري، فلم تظهر سيارتها البيوويك ريفييرا البيضاء.

دخلت منزلنا وكانت فرحتي قد تبخرت. فلم أشعر بنشوة الإنتصار رغم تقريض الجميع لتفوقي. إعترتني الحمى لحظتها. فظن الجميع بأن ذلك سبب ركوني وسكوتي. آه ليتهم علموا تلك اللحظة سبب شقائي.

علمت بعدها بأنها قد خرجت بصحبة زوجها. لا أنكر كم حسدته على ذلك. بل كرهته لحظتها. كيف يجرؤ على إختطافها مني. نعم هي ملكي أنا. أنا وحدي. وهي، كيف هان لها إهمالي ونسياني. كان لا بد أن نحتفل لحظتها. أنا وهي فقط.

وأنا ملقى على فراش مرضي، وإذا بأمي تدخل الغرفة وهي خلفها. يا فلان تناديني أمي. أنظر من جاء لزيارتك. كنت أود أن أحتضنها. لا بل أقبلها. ولكن لا. لقد خانتني وها هي أتت تطلب الصفح. لن أصفح. فما آلم جرحي. قلبي الصغير لم يكن باستطاعته أن يغفر لها خيانتها لي.

فإذا بها تقدم لي هدية مغلفة. تشكرها أمي، وتعاتبها. لم يكن هناك داعي للهدية. لا بل هناك داعي. تحدث أمي. كنت أعلم بأن اليوم سيوزعون الشهادات على التلاميذ. وكنت على أحر من الجمر لمعرفة نتائجه فلم أنتظر. فاستفسرت من المدرسة بدرجاته فأخبروني بها. ذهبت أنا وخالد للسوق لشراء هديته. تبتسم لي.

إغرورقت عيناي. يا لغبائي. بماذا كنت أفكر. هي لم تخني. كيف لي أن أفكر بذلك. يا لعقلي الصغير.

تغيرت ملامحها. وكأنها قرأت ما بخاطري وفسرت ما بعيني من دموع. وإذا بها تمد يدها نحوي وتمسح على خدي وهي مبتسمه.

سيدتي. ألا تتركي يدك قليلاً لأقبلها وأغسلها بدموعي إعتذاراً.

إستأذنت ورحلت. لم أصبر. فسارعت يدي بفتح الهدية. ساعة ويست إند. ما كنت بحاجة لآلة تذكرني موعد رحيلي عنك. أهي فكرتك أم فكرة زوجك.

****************************************

وتسارعت الأيام. كانت تبدو لي في بعض الأحيان غير سعيدة. لم أجرؤ على سؤالها عن السبب.

كانت تكثر زياراتها لأمي. وكانتا كثيراً ما تختليان. كنت أعلم بأنها كانت تبكي. فقد كانت تخرج من ديوانيتنا الداخلية محمرة العين وأنفها لا يقل إحمراراً.

كنت أسمع همسات أمي لأبي. وأسمعه بدوره يحوقل. لا حول ولا قوة إلا بالله.

كم كانت مفاجاتي عندما سمعت بالصدفة أبي وأخي الأكبر يتحدثان عن خالد، زوجها.
لقد تعرف في الآونة الأخيرة علي بعض الأشخاص الذين عرفوه على عالم لم يكن يألفه من قبل. عالم السهرات والملذات المحرمة. لقد أصبح مدمناً للخمر. مفجراً بنهاية المساء أو لنقل فجراً غضبه عليها.

كثيراً ما كان يشرد ذهنها. بل أحسست بأنها تحلم بعالم آخر تريد الهروب إليه.

دخلت ذات يوم تبكي وبسرعه تلقفتها أمي. خالتي، تحدث أمي. لا أستطيع التحمل أكثر من ذلك. فأبي لم يرفع يده علي طوال حياتي، وهذا هو خالد يفعل ما لم يفعله أبي. تحاول أمي تهدأتها. تراني أقف بالقرب من الباب أتنصت. رمقتني بنظرة أعرفها جيداً. نظرة غضب وأشارت لي بيدها بالإبتعاد.

يا لحقارته. كيف يجرؤ على إنزال دمعه من عينيها. بل كيف بجرؤ على ضربها.

خالتي ألا تقولي لعمي أبو عبدالله، وهي تعني أبي، ليتحدث مع خالد بخصوص مصيبتي معه أو حتى مع أبي. أرجوك. فأنت تعلمين بأن أبي سيهملني. هذا عدا أنلم تقم زوجتة بتحريضه ضدي.
بالطبع يا إبنتي، بالطبع.

يا أم عبدالله، يأتي صوت أبي محدثاً أمي. هذي أمور بين الرجل وزوجته ولا أستطيع التدخل بينهما. والله حتى وإن كانت من لحمي ودمي، ما استطعت أن أتدخل.
على الأقل إنصحه بترك الخمر يا أبا عبدالله.
حسناً.

إلتقى أبي بخالد ونصحه. وبدا بأن المياه عادت لمجاريها

****************************************

كنت جالساً مع أمي عندما دخلت تلك الليلة منزلنا بأبهى حلة.
يا لروعة جمالها. ذاك الثوب الوردي المكشوف الصدر بعض الشيء. وتلك التسريحة التي لم أشهدها عليها من قبل.

جلبت إبنتها لدى أمي التي كانت قد وعدتها برعاية عذاري الصغيرة كي تقضي ليلة رأس السنة بصحبة زوجها على أن تصطحبها غداً صباحاً.

كانت سعيدة لدرجة لا توصف. المرح قد طغى عليها وآثار الماضي قد إندثرت.

سألتني عن رأيي بالثوب. فقلت جميل ولكن بلا حماس. فتبسمت وكأنها عرفت مكنونتي.

لكم حسدت زوجها تلك الليلة. أما كانت لأحلامي أن تتحقق وتكون فتاتي أنا لا غيري. وأحتضنها وأطارحها الغرام.

كانت أمي فرحة لها. آه يا أمي لو أدركت شقائي وعذابي.

ما فارقت أحلامي تلك الليلة. حلمت بها. صدري بصدرها. أحسست برعشتها. إحتضنت كفاي وجهها. قبلتها بدءاً بجبهتها وعينها وتلك الخدود الطريه. وأخيراً فمها. يا لفمها. تطول قبلاتي وتنغمس أصابعي في شعرها.

لممتها من الخلف من خاصرتها. واحتضنت يداي. يا للمسة يدها. قبلت رقبتها ومسكت كفاي ثدييها. وإذا بي دون شعور أنزل زمام ثوبها الوردي الذي يسقط من تلقاء نفسه. تلامس أناملي مغارة العبادة. المغطاة بحجاب. يدعوني جسدها الطاهر إلى العبادة. لبيك وسعديك. أنا ملك يديك.

حملتها بين ذراعي ورحلت بها إلى مخدع عشقنا. إختلط روحي بروحها قبل ولوجنا ببعض. يا لإشتياقي لثدييها. رمانتان تبهران الناظر لهما. ما إنفكيت إرشف من رحيق فمها ذاك العذب الزلال. طارحتها الغرام وأي غرام.

يا لمعشوقتي. تلك ليلتي. لقد نذرت تلك الليلة روحي وكل ذرات جسدي أن تكون ملك كاعب حسناء. وأي حسناء.

إمتد لهونا حتى تنفس الصباح. والديك إستيقظ وصاح. ذكرني ببيت الخيام، ابا الفتح عمر.

أتدري لماذا يصبح الديك صائحا يردد لحن الوح في غرة الفجر
ينادي لقد مرت من العمر ليلة وها أنت لم تشعر بذاك ولا تدري

بئسا يا خيام. أتستكثر علي ليلة معها حتى لو كانت حلماً. نعم لقد كان كل شيء حلماً. هي كانت ملكاً لآخر. إستمتع بها ما يحلو له. تباً لحظوظ أقوام.

أما أنا فقد صحوت من ليلة رأس السنة رجلاً وكنت قد نمت طفلاً.
فقد نزل علي ماء رجولتي ليلتها، وأصبح لزاماً علي الإغتسال.

****************************************

إقتربت عطلة الربيع، وكعادتنا السنوية أقمنا مخيمنا الربيعي بالمطلاع. كرهت الخروج مع الأهل هذه السنة. كنت سأنقطع عن رؤيتها. أصبحت إنطوائياً علي غير عادتي كل عام. لقد أصبحت مستحوذه علي بل شلت تفكيري. أين المخرج يا ربي.

مفاجأة ذاك الصباح كانت مذهلة. فقد قدمت مع أسرتها لقضاء اليوم بأكمله معنا.

طلبت مني إصطحابها على الدراجة. أنطلقت بها وبعدنا عن المخيم وبعد مسافة إنحدر بنا الطريق وكانت خائفة طلق صيحات الضحك والفزع معاً. إحتضنتني بي بقوه وهي تضحك وتطلب مني التوقف.

مشينا لبعض الوقت تسألني أمور إعتيادية. وكأنها كانت تريد الأستفراد بي وسبر أغواري. لم أكن أعلم حينها ما تريد. لقد كان حديثنا جميلاً إلا أنه مر سريعاً


بوصولنا المخيم، إستفردت بي أمي وملامح عدم الرضى واضح عليها. أين كنتم؟ سالتني. كنا في نزهه أجبتها. لا تعد إلى ذلك مرة أخرى، فلا يصح بكما الإنفراد بهذا الشكل بعيداً.
ولم؟ سألتها. يا بني لقد أصبحت على مداخل الرجولة الآن. فكن حريصاً عليها أكثر من حرصك على نفسك.

لقد سعدت برجولتي بقدر خوفي من فقدانها. فعاجلاً أم آجلا كانت أمي ستدرك ما وصلت إليه. وكان خوفي من أن أمي ستمنعني من الإلتقاء بها بعد بلوغي تلك المرحلة، وهذا ما حصل.


إندهشت لمعرفة أمي بالحقيقة. ليس مشاعري نحوها بل قصة رجولتي. وقفت ساكنا لا أنطق وكأن المفاجأة صدمتني. ولكن سرعان ما أخذت أمي تحدثني بمواضيع أخري لتشتت تركيزي على ذاك الأمر.

****************************************

ومضت الأيام بنا وقلت زياراتي لبيتها، مع أنها ما إنفكت تسأل عني وتعاتبني على تقصيري في زيارتها. يا مرادي، كلما هممت بشرب ماء رأيت خيالك في كاسي. بل أنت في عيني وذكرك في قلبي.

ربما، ودون وعي مني كرهت رؤيتها على تلك الحالة. الحالة التي صارت عليها بعد عودة زوجها لمجونه ومرافقة شلتة. فبدى وكأن نور روحها قد إنطفأ. وعودها الطر قد تيبس.

أذكر ذاك اليوم الخميس، الخامس عشر من أبريل من عام ستة وسبعون. ولكني لم أعلم بأنه اليوم الأخير. كنا نتمركزين حول الشاشة عصراً. الكويت متقدمه على العراق بثلاثة أهداف مقابل هدفين والجميع على أعصابه، وهجوم عراقي متمركز على المرمى الكويتي. العنبري. آه يالعنبري. ينفرد برعد حمودي محطماً آمال العراقيين وباقي من كان يريد تحطيم الكويت. ولكن هيهات.

إنطلقت المسيرات وكنا معهم بسيارتها. ظللت معها للنهاية. كانت متلهفة لإبنتها. قلت بلا مبالاه بأنها على أغلب الظن نائمه. فعاتبتني مازحة، يجب عليك الحرص عليها أكثر من ذلك، فإني سأزوجها لك.

صدمتني ولكن ردة فعلي كانت سريعة. لا، لا أريد عذاري، بل أريد أن أتزوجك أنت. لا أعلم كيف نطقت بذلك. ولكني على ما يبدو لم أصدمها بردة فعلي. فضحكت حتى أغرورقت عيناها بالدموع. أنا لا أنفعك. فأنا أكبر منك. يا إلهي لم تقل أنا متزوجه. بل قالت أنا أكبر منك. مرحى مرحى.

لا يهمني. أنت لي وأنا لك. هذا ما يهمني ولا شيء آخر.

****************************************

نمت قرير العين تلك الليلة. كطفل وديع متعب بعد يوم مليء باللعب والشقاوة.

عند إستيقاظي. لم أجد أمي بالبيت. كيف إنه يوم الجمعة.

نقلت لي أم حسن الشغالة المصرية لدينا الأخبار. لقد لقى خالد زوجها حتفه الفجر في حادث سير. لم تقل لي لحظتها بأنه كان مخموراً.

حاولت الذهاب إليها لأواسيها. لا. لقد إستحوذ الشيطان على تفكيري. حاولت أن أبشرها بالخلاص وبداية رحلتنا معاً ولكنى لم أستطع. يجب أن أنتظر عدتها.

****************************************

كنت أعد أيام العدة يوماً بعد يوم. لا تنقضي بسرعه. كنت أسترق السمع لأي خبر أو حديث عنها. وكم كانت تلك الأحاديث تطربنى وأسر بها ولكن لا شيء يغنيني عن النظر إلى عينيها.

وذاك اليوم وبانتهاء عدتها حدثت أمي برغبتي بتقديم التعازي لها. فردت والحزن باد عليها بأنها رحلت ولن تعود. فقد رفض أبيها بقائها لوحدها بالمنزل وعادت لمنزل أبيها لتسكن معه.

كيف حدث ذلك. ولم لم أعلم به. فأنا لم أودعها. ما زال لدي الكلمات التي لم أبوح بها لها. أبعد كل الإنتظار إغتيال.

حبيبة القلب لقد إنقطع وصالنا. عدوت كذاك المجنون أقبل جدار منزلها. ليس حباً بالجدار ولكن حب من سكن الدار. ربي كل هذا الإنتظار زوال. أيأتي الدهر بعدها بوصال.

أيتركوني ألحق بها. هيهات. لو ترك القطا لغفا.

****************************************

ودارت الأيام. وكنت بين الفينة والأخرى أسمع حديثا عنها وكان قلبي يخفق دوما عند ذكرها.

وحدث ما لا بد منه وبعد طول إنتظار، ولا أعلم السبب، وتزوجت بفتاة طيبة جميلة المحيا والمعشر. كان أحساسي بأنها متواجدة بحفلة الزفاف. فقد دعتها أمي هي وإبنتها. لم تتزوج بعد زوجها خالد رغم كثرة المتقدمين.

كانت باكورة زواجنا طفلة جميلة أسميتها على إسمها رغم إعتراض زوجتي كون الإسم لا يتوافق والموجة الجديدة للأسماء. أعتقد بأن أمي فهمت السبب.


لم أتصور يوماً مكان لقائنا. كنت مسرعاً لجهاز السحب الآلي بالبنك. وإبنتي بالسيارة. ما أن إقتربت من الجهازحتى رأيتها ووقفت بانبهار. نفس الملامح على الرغم من تقدمها بالعمر. فتاة ناضجة جميلة بقربها. كانت إبنتها. حيتني بحماس وسألتني عن أحوالي وطال الحديث بعض الشي.

ودعتني بعد أن أثارت شجوني. عدت لسيارتي وقد شلت تفكيري.
أبي. تسألني إبنتي. مع من كنت تتحدث. إنها جارتنا من زمان يا عزيزتي.

فكرت بها للحظات. وابتسمت لنفسي. وقبل إنطلاقي تحدثت لإبنتي. إربطي حزام الأمان يا أماني.


النهــايـــة

16 Comments:

Blogger nanonano said...

رائــــــــــــعـــه

على فكره أنت أكبر مني بوايد...أنا وقت أحاث القصه كان عمري 4 سنين...يعني لازم أناديك عمّي

11:18 AM  
Blogger esetch said...

nano

آنه ما ذكرت بأن القصة عني آنه

8-)

11:49 AM  
Blogger nanonano said...

بس الأحداث تدور بذاك الوقت لازم تكون واعي و تذكر الأحاسيس و الأنفعالات فهذا أنا وايد مكرمتك لمّا أقول أنك مواليد أوائل الستينات
;-)..

12:15 PM  
Blogger esetch said...

Nano

آنه فعلا من مواليد الستينيات، بس اي سنه. عاد هذي خليني أحتفظ فيها.

آي ديد هاف أ كراش اون سم وان. ولكن هالقصة مو قصتي، وإن كنت أتمنى. قصة واحد أعرفه.

1:06 PM  
Blogger nanonano said...

شكــــرا...قريتها مرّه ثانيه..واستمتعت فيها أكثر

1:22 PM  
Blogger esetch said...

Nano

أنت تسعديني بقراءتك . فالشكر لك وباقي الأحبة القراء

على فكرة إنتظري الرواية القادمة. مشوقة أكثر. بومريوم البطل لا بمشاركتج وباقي الحلوين البلوغرز، مثل زيدون وأنتي ريزن وفورزا كيوأيت وغيرهم.

بس أفتكر لازم أستأذنكم كلكم وإلا تهنا في المحاكم على حقوق النشر

1:28 PM  
Blogger nanonano said...

أنا شخصيا معطيتك الخيط و المخيط

1:43 PM  
Blogger Zaydoun said...

SH

قصة في منتهى الروعة، وبالذات المقدمة الحلوة التي رجعتنا إلى أجمل الأيام

أنا بانتظار القصة القادمة، بس هل فهمتك عدل لما قلت ان احنا الأبطال؟؟

وناسة

4:34 PM  
Blogger بومريوم said...

كانى اشوف بيتنا القديم
وذيك السدره ورا البيت..

تسلم ايدك
اس اتش

4:41 PM  
Blogger Anti_Reason said...

Nice story... Anyone else is reminded of that Bahraini poet (Rafee3? You know: "tathkerain youm chintay min bain ed_dreashah et_ba9be6ayn")?

Now, I'm not sure what you meant when you said we will be the protagonists of your stories, but I don't want my character to be a scientist ("I'm not a mad scientist, but I play one on the blogworld" - for those of you who remember that 1980s commercial!). I prefer something that resembles a Jack Ryan, an Andy Warhol or maybe a Lawrence of Arabia type of characters!

BTW; I have some anecdotes from various periods of my life. Alas, since I can't type in Arabic, I fear they'd lose much of their charm should I choose to narrate them in English, nor do I have the talent for delivering them as you do. So, may I email you some of my experiences so that you may apply some of your charm on them and publish them along with your stories?

First one on the list: My encounter - and prank - with a late legendary figure of Egyptian cinema - in New York City!

Awaiting your answer :-)

6:01 PM  
Blogger Anti_Reason said...

PS: Allah! You reminded me of Amina el_Sharra7! Anyone knows how she's doing nowadays?
She was – and in my book remains – the premier broadcaster (anchorwoman?) KTV ever had.
Those of you too young to remember her – you don’t know what you’ve missed!

6:08 PM  
Blogger esetch said...

Mr. Z
شكراً لك أولاً

البطل الأصلي بو مريوم

والأدوار المساندة لباجي البلوغرز بس مو كلهم عاد



بومريوم
آمال أن تكون الذكريات جميلة
عني شخصياً أيام حلوة بس ما ترد للأسف
حبيب بومريوم، حياك الله

AR
Man you will be next! you and i share many fine moments. It must be recorded.

6:18 PM  
Blogger PerseusQ8 said...

استش..

تبهرنا كعادتك

تراجيديا إغريقية من الطراز الأول

ليش ما وراها بنته بالسيارة؟

7:28 PM  
Blogger esetch said...

PerseusQ8

Thanx

لعله إنبهر فلم يعرف كيف يتصرف كأول مرة

8:58 PM  
Blogger بومريوم said...

حلوه مو الوصف المناسب..
نقيه يمكن..بسيطه...

اليمعه حول ذاك التلفزيون..زينث ماركته

شلون لى دخل الشايب العود البيت الكل يسكت..

ريحة السدره و صوت الزرازير..

حنة المكيف بالصيف و المهايل بالقوايل
و الله عورت قلبى

11:16 PM  
Blogger esetch said...

K Man

هذا كان الغرض الأساسي من القصة
إثارة العواطف واسترجاع الذكريات الجميلة

تذكر لما كانوا ينومونا بالروضة، واو والله أيام وراحت

11:53 AM  

Post a Comment

<< Home